تصاعد الجدل في ألمانيا بشأن إعادة السوريين إلى بلادهم
أربيل (كوردستان 24)- يرفع محمد حجار كتفيه بحركة تنطوي على تحدٍّ، ردّا على دعوة المستشار فريدريش ميرتس الاثنين إلى إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، أو ترحيلهم إذا لزم الأمر.
في حديث إلى وكالة فرانس برس، يقول حجار، وهو مدير مطعم في برلين وصل قبل نحو عشر سنوات إلى العاصمة الألمانية عندما أجبرت الحرب الأهلية السورية الملايين على الفرار من ديارهم، إنّ "معظم مَن أعرفهم هنا مندمجون في المجتمع ويعملون".
ويضيف الرجل البالغ 44 عاما، وهو يقف أمام متجر سوري في برلين "بعضهم مهندسون أو أطلقوا أعمالهم الخاصة. فلماذا عليهم المغادرة؟".
لجأ مئات الآلاف من السوريين إلى ألمانيا، أغلبهم خلال أزمة الهجرة عام 2015، عندما قررت المستشارة الألمانية آنذاك أنغيلا ميركل استقبالهم وفتح أبواب البلاد لهم.
لكن أمورا كثيرة تغيّرت مذاك، إذ سقط نظام بشار الأسد، وتواجه ألمانيا أزمة اقتصادية، وسُجّلت هجمات إرهابية، فضلا عن أنّ حزب البديل من اجل ألمانيا اليميني المتطرف الذي حلّ ثانيا في الانتخابات البرلمانية التي جرت خلال شباط/فبراير، يثير الجدل من خلال الدعوة إلى "إعادة الأجانب إلى بلدانهم".
لم يتوقف ميرتس عن تصعيد حدة خطابه، وعندما سُئل الاثنين عن السوريين قال "من يرفض العودة إلى بلده، يمكننا ترحيله بالطبع".
وجاءت تصريحاته إثر الجدل الذي أثاره وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول، عندما أشار خلال زيارة إلى سوريا الأسبوع الفائت، إلى أن هذا البلد لا يستطيع استقبال مواطنيه بأعداد كبيرة.
وبعد زيارته للأحياء المدمرة في دمشق، قال الوزير إن عودة السوريين لا يمكن أن تتم إلا "بشكل محدود جدا، لأنّ قسما كبيرا من البنية التحتية للبلاد قد دُمّر".
خوف
أثار ذلك غضب الجناح اليميني في حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، الذي يسعى لاستئناف عمليات الترحيل ويشجع السوريين على العودة إلى بلدهم طوعا. وأطلقت الحكومة محادثات مع القادة الجدد في سوريا بشأن هذه القضية.
يعتبر الناطق باسم منظمة "برو أزول" للدفاع عن اللاجئين طارق الأوس، أنّ ميرتس يحاول "تخويف" السوريين من خلال عدم "التصريح بوضوح عن الفئات المعنية" بعمليات الترحيل.
ويقول هذا السوري الذي وصل الى ألمانيا عام 2015 "منذ الأمس، لا يتوقف الناس عن الاتصال بي ليقولوا: لا أريد أن أُرحَّل".
ومع ذلك، يظل احتمال مغادرة عدد كبير من السوريين البلاد في المدى القريب غير مرجح بشكل كبير.
في تموز/يوليو، أصبحت النمسا أول دولة في الاتحاد الأوروبي تُرحّل سوريا مُدانا، منذ تغيير السلطة في دمشق، ولكن لم تُجرَ أي عمليات ترحيل.
تقيم الغالبية العظمى من السوريين في ألمانيا بشكل قانوني، استنادا إلى وضعهم كلاجئين، والذي لا يمكن إلغاؤه إلا بعد تقييم قانوني فردي. ويتقدم آخرون بطلب للحصول على الجنسية الألمانية أو حصلوا عليها، في حين أنّ عددا كبيرا من أطفال اللاجئين الذين وصلوا عام 2015 ليس لديهم بلد آخر سوى ألمانيا.
وبحسب الوكالة الاتحادية للتوظيف، نحو 42% من السوريين المقيمين في ألمانيا يعملون، لكن 46% منهم يتلقون مساعدات اجتماعية، وهي أرقام دأب اليمين المتطرف على التركيز عليها.
"سبب هروبهم لم يعد قائما"
والسوريون حاضرون في شكل كبير في الإحصاءات الجنائية، إذ حققت الشرطة مع 114889 مشتبها فيهم عام 2024، وهو عدد يفوق أي جنسية أجنبية أخرى.
أوقفت السلطات الألمانية الأحد في برلين شابا سوريا يبلغ 22 عاما للاشتباه في تخطيطه لهجوم.
والثلاثاء، قالت أليس فايدل، الرئيسة المشاركة لحزب البديل من أجل ألمانيا، "يجب إلغاء وضع الحماية لجميع اللاجئين السوريين، لأن سبب هروبهم لم يعد قائما". وإذا "لم يغادر هؤلاء الأشخاص طوعا، فيجب ترحيلهم قسرا".
في استطلاع للرأي شمل سوريين بعد سقوط بشار الأسد في كانون الاول/ديسمبر 2024 بفترة وجيزة، قال 66% إنهم ينوون البقاء في ألمانيا. ولم يعد إلى سوريا سوى 4 آلاف شخص، وفق دراسة أجرتها هيئة الإذاعة والتلفزيون الألمانية في آب/أغسطس.
تملأ عبير زيد، وهي أم لثلاثة أبناء تعمل طاهية وتعيش في برلين منذ عام 2004، عربة تسوق بالفاكهة أمام متجر بقالة سوري.
وتقول المرأة البالغة 43 عاما "ليس لديّ منزل في سوريا، وُلد أطفالي هنا. دُمِّرت منازل كثيرة في سوريا. لا عمل، لا ماء، لا كهرباء".
ويشير محمد حجار بدوره إلى أنّ له أربعة أبناء، يحمل أصغرهم البالغ 18 شهرا، على كتفه.
ويضيف "اثنان منهم في المدرسة... لا يتحدثان العربية".
المصدر: فرانس برس
