عادل باخوان لـ كوردستان24: تشكيل الحكومة العراقية يبدأ من دهوك.. وكوردستان هي الرقم الأصعب في المعادلة

مدير برنامج الشرق الأوسط في المعهد الأوروبي للدراسات الاستراتيجية عادل باخوان
مدير برنامج الشرق الأوسط في المعهد الأوروبي للدراسات الاستراتيجية عادل باخوان

أربيل (كوردستان 24)- مشاهدينا الكرام، أهلاً بكم من ستوديو كوردستان24 في منتدى ميبس للسلام والأمن في الشرق الأوسط.

ضيفنا اليوم هو الدكتور عادل باخوان، مدير برنامج الشرق الأوسط في المعهد الأوروبي للدراسات الاستراتيجية. دكتور عادل، أهلاً بك في دهوك، وأهلاً بك في MEPS25.

كوردستان24: دكتور عادل، كيف تقيّمون نسخة هذا العام من مؤتمر ميبس؟ هذه الجامعة، الجامعة الأمريكية في كوردستان – دهوك، تستضيف المؤتمر سنوياً، لكن هذا العام شهد حضوراً استثنائياً من قادة العراق وكوردستان والشرق الأوسط والعالم. برأيكم، ما الذي جعل ميبس يتحول إلى بوابة تجمع كل هؤلاء القادة هنا في دهوك؟

عادل باخوان:  حضرتُ ميبس لسنوات طويلة، لكن لم يكن أي عام بمستوى هذا العام لا من حيث الأهمية ولا من حيث التأثير. لماذا؟ لأن العراق شهد قبل أسابيع انتخابات عامة. وكوردستان أيضاً شهدت انتخابات سابقة لها. لا حكومة جديدة تشكلت في بغداد بعد، ولا حكومة جديدة تشكلت في إقليم كوردستان.

ومع ذلك… جاءت الولايات المتحدة بكل ثقلها السياسي إلى هنا، وكذلك إيران مهتمة بما يجري في العراق ولن تتركه بسهولة. ما رأيناه في ميبس يشبه غرفة عمليات سياسية: اجتماعات ثنائية، ثلاثية، رباعية، وحتى خماسية بين مختلف القوى العراقية. وبصراحة، انطلقت في ميبس أولى جلسات التفاوض الحقيقية لتشكيل الحكومة العراقية المقبلة. وهذا بحد ذاته إنجاز كبير لدهوك ولإقليم كوردستان، أن يتحول هذا المكان إلى مركز حوار إقليمي وسياسي بهذا المستوى.

كوردستان24: هل نفهم من كلامك أن عمق السياسة في العراق لم يعد في بغداد فقط… بل في كوردستان أيضاً؟

عادل باخوان: لا أستطيع أن أقول إن بغداد فقدت دورها، لكن المؤكد أن كوردستان لاعب قوي جداً في عملية تشكيل الحكومة. انظروا مَن حضر: جميع القادة العراقيين تقريباً، وزراء، رؤساء كتل، قادة أحزاب… الجميع جاء إلى دهوك. حتى قادة السنة – باستثناء الحلبوسي – كانوا هنا. لماذا حضروا جميعاً إلى دهوك؟ لأنهم يدركون أن القرار الكوردي في هذه المرحلة سيكون حاسماً في تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.

كوردستان24: هل تقصد الكورد بشكل عام؟ أم الحزب الديمقراطي الكوردستاني تحديداً؟

عادل باخوان: الحزب الديمقراطي الكوردستاني بالتحديد. كل الأحزاب الكوردية لها دور، نعم…

لكن الحقيقة أن: الديمقراطي حصل على أكثر من مليون و100 ألف صوت، وهو الحزب الأول بلا منافس على مستوى كل العراق. لذلك دوره اليوم طبيعي أن يكون أكبر وأثقل في المفاوضات. ولو حصل أي حزب كوردي آخر على هذا العدد من الأصوات، لكان له الدور نفسه. الديمقراطية تعني احترام وزن كل مكوّن. والحزب الديمقراطي أثبت أنه القوة الأولى في كوردستان، وأحد أكبر القوى في العراق كله.

كوردستان24: هل سيؤثر هذا الوزن على تشكيل الحكومة العراقية؟

عادل باخوان: بالتأكيد. لو حصل الديمقراطي على 10 ملايين صوت لوحده فلن يكون لذلك أثر إذا ذهب إلى بغداد كحزب منفرد. القوة الحقيقية هي أن يذهب الكورد موحدين. هذه قاعدة سياسية ثابتة: الحزب أداة للوصول إلى الهدف والهدف هو كوردستان، إذا كانت مصلحة كوردستان في مكان ما… فالحزب الذي حصل على أكبر عدد من الأصوات يحق له أن يتصدر المشهد في ذلك المكان.

كوردستان24: سألنا رئيس وزراء العراق عن صعوبة تشكيل الحكومة، وقال إن الأمر سيكون سهلاً.

هل تتفق معه؟

عادل باخوان: لا، الأمر ليس سهلاً إطلاقاً. لماذا؟ التيار الصدري خارج العملية السياسية. الخصومة بين الصدر والإطار التنسيقي كانت هي العقبة الأبرز. الآن الصدر انسحب إلى "بيته السياسي" كما نقول. وبذلك انزاح أكبر حاجز كان يمنع الإطار من التماسك. لكن السؤال الآن: من سيكون مرشح الإطار لرئاسة الحكومة؟ هل هو السوداني من جديد؟ أم شخصية بديلة؟ المعادلة ليست بسيطة… لأن أمريكا وإيران كلٌ منهما يريد دوراً محدداً داخل العراق. وأي حكومة ستتشكل يجب أن تمر عبر هذين الخطين.

كوردستان24: هل يمكن أن تدخل واشنطن وطهران في مواجهة جديدة داخل العراق خلال تشكيل الحكومة؟

عادل باخوان: هناك عدة سيناريوهات: أمريكا تريد رئيس وزراء قريباً منها بنسبة 100%. إيران تريد رئيس وزراء قريباً منها بنسبة 70% على الأقل. كلاهما غير راضٍ عن التوازنات الحالية بعد أحداث ما بعد 7 أكتوبر. أسماء مثل عدنان الزرفي مقبولة أمريكياً جداً… لكن إيران ترفضه. السوداني فتح أبواب العراق لأمريكا أكثر من ذي قبل… لكن هل تقبل إيران بتجديد ولايته بسهولة؟ هنا تكمن المعضلة الأساسية. والسؤال الأهم: هل ستتحول الساحة إلى مواجهة غير مباشرة بين إيران وأمريكا؟ هذا احتمال قائم.

كوردستان24: هل يمكن أن يتكرر سيناريو الفوضى والاغتيالات أو المواجهات كما حصل في السابق؟

عادل باخوان: من الصعب جداً اندلاع حرب أهلية داخلية. لماذا؟ لأن "الحشد الشعبي" لا يملك خصماً عراقياً يقاتله. لكن الصراع الحقيقي قد يأتي من الخارج: إسرائيل وأمريكا قد يصعّدان ضد الفصائل الموالية لإيران. إيران لن تتراجع بسهولة داخل العراق. أي ضربات جديدة ستعيد التوتر إلى الواجهة. ولذلك… تشكيل الحكومة العراقية في ظل هذا المناخ سيكون عملية معقدة جداً.

كوردستان24: كيف ستكون علاقات القوى الكوردية فيما بينها؟ هل يتصدر الحزب الديمقراطي المشهد؟

عادل باخوان: الحزب الديمقراطي أمام فرصة كبيرة… لكن نجاح الكورد في بغداد يعتمد دائماً على الوحدة. الحكومة لن تتشكل بسهولة إذا لم يكن هناك تنسيق كامل بين الديمقراطي والاتحاد الوطني وباقي القوى الكوردية. كوردستان أقوى عندما تذهب إلى بغداد بصوت واحد. ولهذا، يجب أن تكون الأولوية للكورد اليوم هي تنسيق الموقف المشترك قبل الدخول في المرحلة الحاسمة من مفاوضات تشكيل الحكومة.

كوردستان24: شكراً جزيلاً دكتور عادل باخوان على هذا التحليل العميق للمشهد العراقي والإقليمي.

وشكراً لكم مشاهدينا… نلتقيكم في لقاءات أخرى من MEPS25.