العراق بين الفدرالية والكونفدرالية… هل حان وقت القرار؟
أربيل (كوردستان24)- في الوقت الذي يمرّ فيه العراق بتحديات سياسية ودستورية متراكمة، يطرح ملف الفدرالية وحقوق المكوّنات، وعلى رأسها الشعب الكوردي، أسئلة مصيرية حول مستقبل الدولة العراقية بحدودها الحالية.
في هذا الحوار الخاص والحصري لكوردستان24، نستضيف البروفيسور برندان أولييري، أستاذ جامعة بنسلفانيا وأحد أبرز الخبراء الدوليين في النظم الدستورية والفدرالية، لنسأله بصراحة: لماذا فشل العراق في تطبيق دستوره؟ وما الخيارات المتاحة أمام إقليم كوردستان؟
كوردستان24: أستاذنا البروفيسور برندان أولييري… شكراً جزيلاً لوجودك معنا في كوردستان24.
بداية، أود أن أبدأ من لقائكم الأخير مع الرئيس مسعود بارزاني لمناقشة الدستور العراقي. برأيكم… هل سيلتزم العراق بالدستور الذي صوّت عليه بنفسه؟ أم أنه يتجه شيئاً فشيئاً نحو مركزية الحكم؟
البروفيسور أولييري: للأسف، العراق دولة فدرالية على الورق فقط. المجلس الاتحادي لم يُنشأ وفق المادة 65، والمحكمة الاتحادية لم تُبْنَ بالشكل الذي نص عليه الدستور في المادة 92. كذلك، موضوع الفدرالية والمناطق لم يُطبّق، والمادة 140 لم تُنفّذ، وتوزيع الموارد الطبيعية بقي دون إطار حقيقي. كل ذلك يوضح أن الفدرالية في العراق فشلت عملياً.
كوردستان24: إذا كان هناك فشل دستوري بهذا الحجم، والكورد تعرّضوا لإبادة جماعية عبر قرن كامل، وصوّتوا على الدستور ليعيشوا بفدرالية حقيقية… فما هو الحل الآن؟ ماذا يفعل الكورد؟
البروفيسور أولييري: ما كُتب في الدستور عام 2005 كان وعداً واضحاً للكرد، لكنه لم يُنفّذ.
الخطوة الأولى هي التفاوض الجاد مع بغداد ومحاولة إلزامها بتطبيق الدستور كما هو. هناك إمكانية للحصول على دعم دولي وشركاء خارجيين. أمّا إذا فشل تطبيق الدستور، فالخيار الواقعي التالي هو الكونفدرالية.
الكونفدرالية لا تلغي السيادة العراقية، لكنها تمنح لإقليم كردستان وضعاً سياسياً وإدارياً واقتصادياً مستقلاً مع سوق وجمارك مشتركة ونظام أمني متفق عليه.
كوردستان24: ولكن إذا كان العراق لا يقبل بالفدرالية أصلاً، فكيف سيقبل بالكونفدرالية؟ منذ عام 2004 هناك ما أسميته بـ "الإبادة الناعمة" بحق الكورد… قطع رواتب، إضعاف المؤسسات، عدم إرسال المستحقات المالية. فكيف سيوافقون على الكونفدرالية؟
البروفيسور أولييري: الكونفدرالية فيها مكسب للعراق أيضاً. سيسمح للدولة المركزية أن تدير شؤونها دون تدخل من إقليم كردستان أو ممثليه، مع بقاء السياسة الخارجية موحّدة. صحيح سيخسرون السيطرة الكاملة على الإقليم، لكنه ليس انفصالاً كاملاً، بل إعادة تنظيم للعلاقة بحيث لا تكون بغداد متحكمة بكل تفاصيل كوردستان.
كوردستان24: برأيكم، هل العقلية الحاكمة في العراق اليوم لديها استعداد لقبول الديمقراطية الحقيقية؟ سواء كانت فدرالية أو كونفدرالية؟
البروفيسور أولييري: ليس من السهل تقييم ذلك، لكن واقعياً هناك أحزاب عربية مؤثرة لا تقبل مبدأ تقاسم السلطة ولا تعترف بالحقوق المتساوية للمكوّنات. يفهمون الديمقراطية كـ"حكم الأغلبية"، لكنهم لا يفهمون مبدأ تقاسم السلطة وحماية حقوق الأمم الأخرى.
كوردستان24: هل يمكن للمجتمع الدولي أن يؤثر في هذه العقلية في بغداد؟ خصوصاً الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي؟
البروفيسور أولييري: نعم، الضغوط الدولية يمكن أن تلعب دوراً، وهناك فرصة حقيقية اليوم مع المتغيرات في المنطقة والعالم. إعادة إعمار سوريا، تغيرات الشرق الأوسط، كلها تمنح فرصة للعراق كي يفي بوعود 2005 .
كوردستان24: أخيراً… هل تعتقد أن توصيات هذا المؤتمر يمكن أن تُحدث أي تغيير في العراق والمنطقة؟
البروفيسور أولييري: أعتقد أن تغييرات مهمة حصلت في الشرق الأوسط خلال العام الماضي.
سلطة إيران ضعفت، وحماس ضعفت، وهناك تغيّر في موازين القوى. هذه المتغيرات تفتح باباً لفرض ترتيبات جديدة، وربما تسهم في إحداث تغيير سياسي حقيقي في العراق والمنطقة.
كوردستان24: البروفيسور برندان أولييري، أستاذ جامعة بنسلفانيا وخبير دستوري… شكراً جزيلاً لهذا الحوار الخاص مع كوردستان24.