مسيحيو تركيا يحاولون التغلب على شعور التهميش

أربيل (كوردستان 24)- يستعد مسيحيو تركيا لاستقبال البابا لاوون الرابع عشر الخميس في زيارة من شأنها أن تمنح بعض الرجاء لهذه الأقلية التي تشعر بالتهميش والإقصاء، رغم الدستور العلماني في البلاد، ورغم بعض التحسن في ظروفهم في السنوات الأخيرة.

فمع أن التشريعات في تركيا لا تنطوي على أي تمييز بين المواطنين، لكنّ عددا من الوظائف العامة يبقى مغلقا عمليا أمام الأقليات غير المسلمة، رغم عدم وجود أي نص قانوني بذلك.

ويؤدي ذلك، وأمور كثيرة أخرى، إلى شعور المسيحيين بالتهميش رغم مبادرات سجلت في الآونة الأخيرة، منها أن السلطات منحتهم قطعة أرض لبناء كنيسة.

كثيرا ما يكرر الرئيس رجب طيب إردوغان أن المسلمين يشكلون 99 % من الأتراك.

ويقول رئيس اتحاد السريان في مديات في الجنوب التركي يوحنا أقطاش "في كل مرّة أشعر بالإقصاء. حين يتجاهل دائما ذكر الأقليات غير المسلمة، حين يقول +نحن الأتراك والكُرد والعرب.. إخوة+" ولا يذكر المسيحيين.

لا يزيد عدد المسيحيين في تركيا عن مئة ألف، علما أن أعدادهم كانت تصل إلى أربعة ملايين في مطلع القرن العشرين، وفق المؤرخين.

ومن المقرر أن يزور البابا لاوون الرابع عشر كنيسة مار إفرام للسريان الأرثوذكس، وهي الوحيدة المُشيّدة منذ إنشاء الجمهورية التركية عام 1923، على أرض قدّمها الرئيس.

ويقول سايت سوسين الرئيس الفخري لمؤسسة الكنيسة السريانية في إسطنبول "لم يسبق أن احتُرمت حقوقنا في تاريخ الجمهورية مثلما هو الحال الآن".

- إصلاح الماضي -

يقول مؤسس جمعية رومفادر المعنية بدعم مؤسسات المجتمع اليوناني لاكي فينغاس "منذ عشرين عاما نسعى نحن والدولة لإصلاح مظالم الماضي، وهذا المسار لم ينتهِ بعد، لكننا على الأقل لا نواجه أي صعوبة في لقاء المسؤولين".

لكن يوحنا أقطاش يرى أن "هذا غير كاف". ويقول "لا يُنظر إلينا كمواطنين" مكتملي الحقوق.

ويقول رئيس تحرير صحيفة آغوس الناطقة بالأرمنية يتفارت دانزيكيان "الموظف الكبير الوحيد الذي ليس مسلما الآن في تركيا هو رئيس سلطة محليّة في منطقة، وهو أرمني"، ويرى أن ذلك "يلخّص حالة الحقوق المدنية" في تركيا.

وهو يرى أن صعود الشعور القومي والمُحافظ منذ عشرين عاما في ظلّ حكم رجب طيب إردوغان "يثير بدون أي شك قلقا لدى الأرمن، رغم أن هذا الأمر ليس جديدا".

فمنذ تأسيس الجمهورية وحتى مطلع القرن العشرين، كان بعض المسؤولين وبعض وسائل الإعلام يصفون المسيحيين واليهود في تركيا بأنهم "أعداء الداخل"، وكانوا عرضة للتمييز والعنف.

وما زالت كلمة "أرمني" تُستخدم في بعض الأحيان كشتيمة.

ذكرت مجموعة "ماينوريتي رايتس غروب" (مجموعة حقوق الأقليات) في تقرير عن تركيا أصدرته عام 2024 أن "غير المسلمين كانوا ضحايا للتمييز لأن مروّجي القومية التركية كانوا يرونهم غير مؤهلين ليكونوا أتراكا، بسبب اختلافهم الديني".

- أوج القلق -

في هذا السياق، أثار تحويل كنيسة آيا صوفيا إلى مسجد عام 2020 مشاعر قلق بين المسيحيين، بحسب دانزيكيان.

ويقول إن ذلك جرى "بالتزامن مع الحديث عن إعادة فتح المعهد الديني الأرثوذكسي في خالكي" الذي أقفل في العام 1971، مضيفا "نخطو خطوة إلى الأمام، ثم أخرى إلى الوراء".

في العام 2007، اغتيل الصحافي الأرمني هرانك دينك، وفي العام 2011 قُتل مُجنّد أرمني في الجيش التركي، وتصاعدت التهديدات ضدّ الأرمن أثناء الحرب في إقليم ناغورني قره باغ عام 2020، وتعرّضت كنيسة كاثوليكية في إسطنبول لهجوم في كانون الثاني/يناير 2024 أسفر عن مقتل شخص، وتبناه تنظيم الدولة الإسلامية.

في هذه الظروف، اختار الكثير من المسيحيين أن يعيشوا في الظلّ.

غير أن شخصيات عدّة من المجتمع المدني التركي الأكثر انفتاحا، أصبحت أكثر تقبلا لفكرة إحياء ذكرى المجازر الأرمنية، رغم أن إحياءها ليس مسموحا في الأماكن العامة.

رغم كل التحديات والمخاوف، يعوّل لاكي فينغاس على "الأشخاص الذين تتزايد أعدادهم، الذين يستفسرون بدل الوقوف عند الأحكام المسبقة"، ويعرب عن ارتياحه لصعود "مجتمع مدني أكثر انفتاحا، ولا سيما في إسطنبول" حيث يتركز الوجود المسيحي.

AFP

 
Fly Erbil Advertisment