الأمطار الأخيرة "قطرة في بحر الجفاف".. ومخزون المياه يغطي 2% فقط من الحاجة
أربيل (كوردستان24)- بددت تحذيرات خبراء المياه والبيئة موجة التفاؤل التي سادت الشارع العراقي عقب الأمطار والسيول الأخيرة، مؤكدين أن حجم الجفاف المتراكم يفوق بكثير الكميات الهاطلة، وأن الواقع المائي للبلاد لا يزال في مرحلة الخطر الشديد.
رغم غزارة الأمطار التي شهدتها البلاد في الأيام الماضية، إلا أن لغة الأرقام تكشف حقيقة مغايرة. فوفقاً لخبراء البيئة، لم تسهم هذه الموجة إلا في تعزيز الخزين المائي بنسبة ضئيلة جداً لا تتجاوز 2% من الحاجة الفعلية.
وفي هذا السياق، أوضح خبير المياه والبيئة، د. حيدر رشاد، في حديث لـ "كوردستان 24" أن "الطاقة الخزنية للعراق تبلغ 51 مليار متر مكعب، وقد خسرنا قبل الموجة الأخيرة 8 مليارات متر مكعب، ليتسع العجز ونكون بحاجة إلى 43 مليار متر مكعب لملء الفراغ".
وأضاف: "كل ما أضافته الأمطار الأخيرة هو 700 مليون متر مكعب فقط، وهو رقم خجول جداً مقارنة بالحاجة الفعلية".
ويرى مراقبون أن المشكلة لا تكمن في السماء فحسب، بل في غياب الإدارة السياسية لملف المياه. حيث انتقد المحلل السياسي صلاح بوشي غياب التنسيق مع دول المنبع، قائلاً: "لا يوجد أي تنسيق حقيقي مع الدول التي تنبع منها المياه وتصب في العراق".
وشدد بوشي على ضرورة "وضع استراتيجية مائية وطنية وفصل ملف المياه عن الملفات السياسية الأخرى، وجعله أولوية وطنية قصوى في المفاوضات بعيداً عن المصالح الضيقة".
على ضفاف دجلة، تبدو الصورة أكثر قتامة. الصيادون الذين يعتمدون على النهر في قوت يومهم هم الأكثر تضرراً من انخفاض المناسيب.
صالح مهدي، صياد سمك في بغداد، يروي بحسرة كيف تغير حال النهر: "في السابق، كان عمق النهر يتراوح بين 12 إلى 14 متراً، كنا نرمي الشباك بحبال طويلة لتصل للقاع. أما اليوم، فالعمق لا يتجاوز 3 إلى 4 أمتار في أحسن الأحوال".
توقعات الخبراء التي تشير إلى أن أزمة المياه في الصيف المقبل ستكون أشد قسوة من السنوات الماضية، ما لم تتحرك الحكومة العراقية بجدية لإبرام اتفاقيات ملزمة مع دول المنبع لضمان حصص العراق المائية، بدلاً من الاعتماد على حلول السماء المؤقتة.
تقرير: سيف علي - كوردستان 24 – بغداد