غياب عودة العسكريين الكورد إلى طوز خورماتو يحدّ من تمثيلهم الإداري والأمني

أربيل (كوردستان 24)- تسبّب عدم عودة العسكريين الكورد من أهالي قضاء طوز خورماتو، عقب أحداث 16 تشرين الأول/أكتوبر 2017، بحرمان المكوّن الكوردي من المشاركة الفاعلة في التغييرات الإدارية والأمنية والمدنية التي شهدتها المحافظة خلال السنوات الماضية.

وفي تصريح لقناة كوردستان 24، أوضح كاوا شيخاني، المستشار الأمني في محافظة صلاح الدين، أن التمثيل الكوردي في المؤسسة العسكرية والأمنية داخل حدود المحافظة بات شبه معدوم، مشيراً إلى أنه «من أصل نحو 2000 جندي، لا يوجد سوى جنديين كورديين فقط».

وأضاف أن «المسؤول الكوردي الوحيد في شرطة طوز خورماتو، والذي كان يتولى مهمة حماية المؤسسات الحكومية، تم استبعاده مؤخراً، وتعيين شخص من المكوّن العربي بدلاً عنه».

وعن أسباب عدم تعيين شخصية كوردية في هذا المنصب، أرجع شيخاني الأمر إلى عدم استعداد العسكريين الكورد من أبناء طوز خورماتو للعودة إلى القضاء، قائلاً إن «هذا الأمر تسبب بمشكلة كبيرة للكورد، رغم توجيه دعوات سابقة لهم للعودة وخدمة مدينتهم، إلا أنهم لم يستجيبوا لتلك الدعوات».

وبيّن شيخاني أن واقع تقاسم المناصب قبل أحداث 16 تشرين الأول 2017 كان مختلفاً، حيث كانت المناصب الأمنية والإدارية تُدار وفق توازن مكوّناتي، إذ كان منصب القائمقام من حصة الكورد، ورئاسة مجلس القضاء للعرب، فيما يتولى التركمان إدارة الشرطة. إلا أن هذه المعادلة تغيّرت بعد تلك الأحداث، حيث جرى سحب منصب القائمقام من الكورد ومنحه للمكوّن التركماني.

وفيما يتعلق بالجانب الأمني، أشار إلى استحداث مديرية أمن جديدة تتولى إدارتها شخصيات من المكوّن العربي، وتشمل صلاحياتها أقضية طوز خورماتو وآمرلي وسليمان بيك وداقوق، إضافة إلى وجود مراكز للشرطة والمخابرات ومكافحة الجريمة، من دون أن يتولى أي كوردي إدارتها.

وختم شيخاني حديثه بالإشارة إلى أن غالبية العسكريين الكورد من أبناء طوز خورماتو يعملون حالياً في شرطة نفط كركوك أو في حرس الحدود، وبعضهم يداوم في ناحية داقوق، مؤكداً أن «أياً منهم لا يبدي استعداداً للعودة إلى طوز خورماتو»، الأمر الذي انعكس بشكل مباشر على حجم التمثيل الكوردي في مفاصل الأمن والإدارة داخل القضاء.

شهد قضاء طوز خورماتو، عقب أحداث 16 تشرين الأول/أكتوبر 2017، موجة واسعة من العنف والاضطرابات الأمنية أسفرت عن أضرار جسيمة في الممتلكات السكنية ونزوح آلاف العائلات. وبحسب إحصائية صادرة عن دائرة الهجرة والمهجرين، نقلها موقع كركوك ناو، أُحرق ما يقرب من 400 منزل في القضاء، فيما جرى تفجير 85 منزلاً آخر خلال تلك الأحداث.

وتشير الإحصائيات ذاتها إلى أن نحو 500 عائلة نازحة، تمثل ما يقارب 17% من مجموع نازحي أحداث 16 أكتوبر، لم تتمكن من العودة إلى منازلها حتى اليوم.

ولا تزال عشرات العائلات التي نزحت من طوز خورماتو، وهو أحد الأقضية المتنازع عليها، ترفض العودة إلى ديارها بسبب استمرار تردي الأوضاع الأمنية والخدمية، في ظل عدم حصولها على تعويضات مادية، فضلاً عن عدم تسجيل أفرادها رسمياً كنازحين لدى الحكومة العراقية.

ووفق بيانات قائممقامية قضاء طوز خورماتو، فإن 730 عائلة كوردية غادرت القضاء بعد أحداث 16 تشرين الأول 2017، ولا تبدي استعداداً للعودة في الوقت الراهن، نتيجة المخاوف الأمنية وعدم استقرار الأوضاع في القضاء التابع لمحافظة صلاح الدين.

وتعود جذور هذه التطورات إلى يومي 12 و13 تشرين الأول 2017، حين انسحبت بعض القوات من جنوب كركوك ومن الطريق الرئيس الرابط بين طوز خورماتو وكركوك، من دون تنسيق مع وزارة البيشمركة، ما مهّد لحدوث تطورات أمنية خطيرة لاحقاً.

وفي فجر 16 تشرين الأول 2017، شنّت قوات الحشد الشعبي، مدعومة بوحدات من الجيش العراقي وبتنسيق مع أطراف داخلية، هجوماً واسعاً على مدينة كركوك ومناطق أخرى، في خطوة اعتبرها مراقبون خرقاً واضحاً للدستور العراقي، الذي يحظر استخدام القوات العسكرية لحسم الخلافات السياسية الداخلية ضد أي مكوّن داخل البلاد. 

وقد أثار هذا الهجوم المفاجئ حالة من الصدمة والاستغراب في الشارع الكوردستاني، لا سيما مع تزامنه مع انسحاب غير مشروط ومفاجئ لبعض القوات التي كانت تسيطر على تلك المحاور، ما زاد من الغموض والارتباك في المشهد الميداني آنذاك.

وأسفرت أحداث 16 أكتوبر عن فقدان إقليم كوردستان السيطرة على نحو 44 ألف كيلومتر مربع من أراضيه، أي ما يعادل 51% من مجمل مساحة الإقليم، بما في ذلك مدينة كركوك الغنية بالنفط، إضافة إلى 16 ناحية و44 بلدة وقرية خرجت عن إدارته.

كما تسببت تلك الأحداث في نزوح أكثر من 53 ألف عائلة من المناطق التي أعيدت السيطرة عليها، وتعرّض أكثر من ثلاثة آلاف منزل للنهب والتدمير، إلى جانب حرق نحو 200 منزل وخمس مؤسسات إعلامية، في مشهد أعاد إلى الأذهان حملات “التعريب” التي استهدفت السكان الكورد في مراحل سابقة.