كيف تبحث عائلات المعتقلين عن أبنائهم المحررين من سجن صيدنايا؟

أربيل (كوردستان24)- بعد وصول كتائب المعارضة السورية المسلحة إلى قلب العاصمة دمشق وسقوط نظام بشار الأسد، تم تركيز الجهود لمحاولة الوصول إلى السجون والمعتقلات والأفرع الأمنية التابعة للنظام السابق، في محاولة لتحطيم قيد المعتقلين قبل فوات الأوان، وبعد أن أصبحت حرية هؤلاء قاب قوسين أو أدنى ليلتم شملهم بذويهم وأحبتهم، ظهرت معضلة الوصول إلى المعتقلين المحررين وصعوبة تواصلهم مع أهاليهم.. ليمسي هؤلاء المعذبون المحررون هائمين على وجوههم، في ظل غياب التنسيق لهذا الملف الشائك.. فماذا يجري هناك؟

وبعد أن كانت كل أنظار السوريين، "ومن في حكمهم"،  شاخصة نحو أبواب المعتقلات السورية، التي ظهر أنه لا حصر لها حتى الوقت الراهن، برزت مشكلة جديدة في محاولة الوصول إلى المعتقلين المحررين، والتأكد من أماكن تواجدهم بعد خروجهم من السجن. وحتى وإن ظهر اسم المعتقل في قوائم المحررين، تظهر إشكالية أخرى وهي إمكانية الوصول وتتبع المعتقل صاحب الاسم في القائمة.

قوائم لا حصر لها على وسائل التواصل الاجتماعي.. دون إمكانية تتبع المصدر

ولمحاولة استدراك عجز مؤسسات المجتمع المدني، وفي ظل غياب التنسيق الكامل من قبل كتائب الفصائل المسلحة لضبط موضوع فرز أسماء المعتقلين المحررين، عمد ناشطو مواقع التواصل الاجتماعي إلى استحداث طرق جديدة من شأنها بأن تؤدي إلى لم شمل المعتقل مع أهله.

العشرات بل المئات من الصفحات تم إنشاؤها حديثاً: من صوت الشارع ومجلس المعتقلين والمعتقلات، ومعتقلي سوريا إلى محرري صيدنايا ...إلخ.

وغصّت الصفحات الاجتماعية بآلاف القوائم منها المكتوب بخط اليد ومنها المنسق على أجهزة الكمبيوتر، تبلغ الأهالي بأن أبنائهم خرجوا من زنزانات الأبد، وباتوا بعانقون الحرية.

ولم يتسن للكثير من العوائل التحقق من صحة المنشورات أو تتبع مصادر القوائم التي احتضنت أسماء أبنائهم المحررين، بل تجاوزت الماساة حد أن رأي بعضهم صورة أبنائهم بأم أعينهم على شاشات التلفاز أو على صفحات التواصل، ولم يستطع من تقفي أثره والعثور عليه حتى الآن.

ومع ذلك، تنتشر أيضاً مقاطع مصورة كثيرة تضم صور المحررين في محاولة الوصول إلى ذويهم ولكن دون ذكر فيما إن نجحت هذه المحاولات باتصال المحررين مع أقاربهم، مما يفتح الباب لتداول الكثير من الإشاعات والأخبار التي من شأنها بأن تضلل الأهالي المترقبين.

تجميع المعتقلين في الساحات العامة وفي المساجد

وبما أن الشبكات الاجتماعية هي سيدة الموقف في الأيام القليلة الماضية، فقد انتشرت الأخبار سريعاً أن كل من يتم تحريره من سجن أو معتقل أو فرع أمن من قبل الفصائل المسلحة العاملة على هذا الملف، يتم نقله وتجمعيهم على الفور في المساجد القريبة من المعتقلات، وتم ذكر اسم جامع دار السلام الواقع في منطقة برزة بريف دمشق أكثر من مرة كمركز غير رسمي تم اعتماده لنقل المعتقلين المحررين، الذين خرجوا دون هويات وبعضهم فاقد لبعض حواسه، ومنهم من يفقد التركيز والذاكرة وعاجز حتى عن تذكر اسمه الكامل، مما دفع بالناشطين إلى التقاط صور لبعضهم وتداولها على مواقع التواصل، علها تصل إلى أهاليهم.

كما يتم تداول أخبار مفادها أن الكثير من المعتقلين المحررين تم تحويلهم إلى بعض المستشفيات العاملة في العاصمة دمشق بعد التأكد من إصابتهم بأمراض مزمنة أو معدية كالسل والجرب، دون المقدرة أيضاً من التأكد من صحة المعلومة.

صفحات ومنصات فاعلة لتتبع مصير المحررين من الزنازين

وفي ظل غياب تنظيم فاعل من الممكن أن يؤدي إلى إرشاد المعتقل المحرر إلى أهله، عمد ناشطوا الانترنت إلى استحداث منصات تسجيل يتم فيها تسجيل اسم المعتقل المحرر، ومنصات أخرى كفيلة بتسجيل أسماء من ينتظر إبصارهم النور.

وتنتهج هذه المنصات آليات عمل متواضعة وبسيطة بحسب الإمكانيات المتاحة، والتي تؤدي إلى ثغرات تسمح بتسجيل اسم المعتقل المختفي عدة مرات. ويؤدي خلل في وظائف المنصات إلى إبراز الاسم ذاته في قوائم المحررين، الأمر الذي يزيد من عذابات ولوعة أهالي المعتقلين المتمسكين ببارقة أمل قد تكون الأخيرة للقاء أبنائهم.

إلا أن أصعب المواقف التي يمكن أن يختبرها الإنسان، هي تعرف الأهالي على بعض صور الجثث المسربة لمعتقلين سابقين قضوا تحت التعذيب، خاصة ممن تم إيجادهم في مستشفى حرستا العسكري في الريف الدمشقي، حيث تم جمع الجثث وإخراجها من المشفى لدفنها، وسط تجمهر غفير من مئات الأهالي الذين جاؤوا إلى التعرف على الجثث.

ويجدر الذكر أن جميع الجهود المذكورة مسبقاً هي جهود فردية في إطار جهد جماعي دون تنظيم، بهدف لمّ شمل العائلات، ولم يستطع أصحابها من تقفي آثار المعتقلين المحررين بطريقة مضبوطة، تسهل من هذا العمل الشائق، الذي خلفه نظام الأسد ليزيد من عذابات الملوعين الحالمين بلقاء أبنائهم.