الآلاف يحتشدون في أنحاء سوريا للاحتفال "بانتصار الثورة"

أربيل (كوردستان 24)- تجمع آلاف السوريين في ساحات بأنحاء البلاد الجمعة احتفالاً "بانتصار الثورة" بعد سقوط نظام بشار الأسد.

وفي كلمة مسجلة، قال زعيم هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني الذي صار يستعمل اسمه الحقيقي أحمد الشرع، "أود أن أبارك للشعب السوري العظيم انتصار الثورة المباركة وأدعوهم للنزول إلى الميادين للتعبير عن فرحتهم بذلك دون إطلاق الرصاص أو ترويع الناس".

وأضاف "ثم بعد ذلك لنتجه إلى بناء هذا البلد، وكما قلناها منذ البداية منصورة بعون الله".

وتقود هيئة تحرير الشام وهي منظمة إسلامية ما زالت تصنفها دول غربية إرهابية رغم فك ارتباطها بتنظيم القاعدة، تحالفاً من عدة فصائل مسلحة بدأت في 27 تشرين الثاني/نوفمبر الهجوم الذي أدى الأحد إلى انهيار حكم بشار الأسد مع دخولها دمشق.

وتجمع آلاف الرجال والنساء والأطفال في مراكز المدن الرئيسية، في العاصمة دمشق، وحمص وحلب في الشمال، والسويداء في الجنوب.

ولوح كثيرون بالعلم ذي النجوم الثلاث الذي اعتاد المتظاهرون رفعه وتبنته السلطات الجديدة، في أجواء احتفالية ذكّرت بالاحتجاجات الضخمة عام 2011 التي أدى قمعها إلى نزاع أهلي مدمر.

وقال شرطي يبلغ 47 عاماً في حلب بحماسة "الأسد الأب والابن اضطهدانا لكننا حررنا بلدنا من الظلم"، فيما بثت عبر مكبرات الصوت شعارات وأهازيج.

وقال هيثم حذيفة (54 عاماً) في مدينة السويداء ذات الغالبية الدرزية، "فرحتنا لا توصف".

وهتف مصلون في الجامع الأموي في دمشق "واحد، واحد، واحد، الشعب السوري واحد"، وألقى خطبة الجمعة في المسجد رئيس الوزراء محمد البشير المسؤول عن المرحلة الانتقالية حتى الأول من آذار/مارس.

لكن البهجة كانت مصحوبة أيضاً بالألم

على جدران المسجد، علقت عشرات الصور لأشخاص اختفوا بعد أن اعتقلتهم أجهزة الأمن السابقة، فيما يواصل آلاف السوريين رحلة البحث عن أحبائهم المفقودين بعد عقود من القمع العنيف.

وفي مواجهة التحديات السياسية والاجتماعية والأمنية العديدة في بلد منقسم متعدد الأطياف والأديان، تحاول السلطات الجديدة طمأنة الناس في موازاة تحرك المجتمع الدولي.

ويعقد قادة دول مجموعة السبع لقاء عبر الفيديو الجمعة لبحث الوضع في سوريا التي تعهد البشير الثلاثاء جعلها "دولة قانون".

ويستضيف الأردن السبت قمة حول سوريا تجمع وزراء ودبلوماسيين كباراً أمريكيين وأوروبيين وعرباً وأتراكاً.

وخلال جولته الإقليمية التي يركز فيها على ملف سوريا، كرر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في العراق وتركيا أن واشنطن ستعمل على منع عودة تنظيم داعش بعد إطاحة الأسد في سوريا.

وكان قد دعا أثناء زيارته الأردن إلى "انتقال جامع" في سوريا نحو حكومة "مسؤولة وتمثيلية".

ويعتزم الاتحاد الأوروبي التواصل "قريباً" مع السلطات السورية الجديدة على "المستوى العملاني" وليس السياسي، بحسب مسؤول أوروبي رفيع المستوى.

"الأيدي الخطأ"

تنشر الولايات المتحدة نحو 900 عسكري في شمال شرق سوريا، وتدعم قوات سوريا الديمقراطية التي يشكل الكورد عمودها الفقري، وقد هزمت تنظيم داعش.

وتدعم تركيا فصائل مسلحة تقاتل قوات سوريا الديمقراطية التي تعتبرها فرعاً لحزب العمال الكوردستاني، عدوها اللدود.

ورحبت قوات سوريا الديمقراطية بسقوط الأسد واعتمدت الإدارة الذاتية التي أنشأتها في المناطق الخاضعة لسيطرتها العلم السوري ذا النجوم الثلاث.

في الجنوب، أصدر وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس الجمعة أوامر للجيش "بالاستعداد للبقاء" طوال فصل الشتاء في المنطقة العازلة في هضبة الجولان الاستراتيجية المحتلة منذ عام 1967.

وقال الوزير في بيان "بسبب الوضع في سوريا، من الأهمية بمكان من الناحية الأمنية إبقاء وجودنا على قمة جبل حرمون ويجب بذل كل الجهود لضمان جهوز (الجيش) في المكان للسماح للجنود بالبقاء في هذا المكان رغم ظروف الطقس الصعبة".

ونفذت إسرائيل مئات الضربات في سوريا في الأيام الأخيرة ضد مواقع عسكرية استراتيجية لمنع وقوع معدات الجيش السوري في "الأيدي الخطأ"، وفق ما قال بلينكن.

جسر إنساني أوروبي

دعا رئيس الحكومة محمد البشير بعد تعيينه الثلاثاء، السوريين في المنفى إلى العودة، متعهداً "ضمان حقوق كل الناس وكل الطوائف".

وقد فرّ نحو ستة ملايين سوري، أي ربع عدد السكان، من البلاد خلال 13 عاماً من الحرب الأهلية التي خلفت أكثر من نصف مليون قتيل.

في حلب، حيث تقلص عدد المسيحيين إلى نحو 30 ألف شخص منذ عام 2011، قال الأب بهجت إنه يتفهم المخاوف بشأن الحكومة الجديدة "لكننا على الأرض لم نعانِ التمييز".

وأعلن الاتحاد الأوروبي الجمعة إطلاق جسر جوي إنساني مع سوريا عبر تركيا، بعد أن أطلق برنامج الأغذية العالمي نداء عاجلاً لجمع 250 مليون دولار لتوفير "مساعدات غذائية" للسوريين المحتاجين.

وقد سجلت الأمم المتحدة أكثر من مليون نازح جديد منذ هجوم الفصائل بقيادة هيئة تحرير الشام.

من جهتها، قالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في سوريا إن السلطات الجديدة أرسلت "إشارة بناءة" من خلال مطالبتها بالبقاء في سوريا ومواصلة عملها.