القوات السورية تنتشر في المنطقة الساحلية والمرصد يحصي "إعدام" 69 علويا

أربيل (كوردستان24)- تنفذ قوات الأمن السورية الجمعة انتشارا وعمليات تمشيط في المنطقة الساحلية، معقل الأقلية العلوية التي ينتمي إليها بشار الأسد، وحيث أحصى المرصد السوري لحقوق الانسان "إعدام" هذه القوات 69 علويا بعد اشتباكات غير مسبوقة خاضتها مع مسلحين موالين للرئيس المخلوع.
وأعلنت السلطات الجمعة تمديد حظر التجول في مدينتي طرطوس واللاذقية في ظل اشتباكات اندلعت الخميس وتعدّ "الأعنف" منذ إطاحة الأسد في الثامن من كانون الأول/ديسمبر. وتشكل المعارك مؤشرا على حجم التحديات التي تواجه الرئيس الانتقالي أحمد الشرع لناحية بسط الأمن في عموم سوريا، مع وجود فصائل ومجموعات مسلحة ذات مرجعيات مختلفة بعد 13 عاما من نزاع مدمر.
وعلى هامش حملتها الأمنية، أفاد المرصد السوري عن إقدام "عناصر من قوات الأمن على إعدام 69 شابا ورجلا علويا قي بلدتي الشير والمختارية في ريف اللاذقية"، وفق مقاطع فيديو تحقق من صحتها، وشهادات حصل عليها من عدد من أقرباء الضحايا وأفراد عائلاتهم.
وكان المرصد أحصى في حصيلة أولى إعدام 52 شخصا.
وقال مصدر أمني في وزارة الداخلية، وفق ما نقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية "سانا"، إنه "بعد قيام فلول النظام البائد باغتيال العديد من عناصر الشرطة والأمن توجهت حشود شعبية كبيرة غير منظمة للساحل مما أدى لبعض الانتهاكات الفردية".
وتابع "نعمل على إيقاف هذه التجاوزات التي لا تمثل عموم الشعب السوري، من دون شرح ماهية الانتهاكات.
وفي منشور على منصة إكس، قال رئيس جهاز الاستخبارات العامة أنس خطاب إن إدارة العمليات العسكرية لطالما وجهت وحداتها إلى "ضرورة ضبط النفس وحسن التعامل مع الآخرين" مضيفا "ما زلنا حتى اللحظة ندعو إلى ذلك، فالمصالح العليا مقدمة على كل شيء".
ونشر ناشطون والمرصد السوري مقاطع فيديو تظهر عشرات الجثث بثياب مدنية مكدسة قرب بعضها البعض في باحة أمام منزل، وقرب عدد منها بقع من الدماء، بينما كانت نسوة تولولن في المكان.
وفي مقطع آخر، يظهر عناصر بلباس عسكري وهم يأمرون ثلاثة أشخاص بالزحف على الأرض، واحدا تلو الآخر، قبل أن يطلقوا الرصاص عليهم من رشاشاتهم من مسافة قريبة. ويظهر في مقطع ثالث مقاتل بلباس عسكري وهو يطلق الرصاص تباعا من مسافة قريبة على شاب بثياب مدنية في مدخل مبنى قبل أن يريده قتيلا.
ولم تتمكن وكالة فرانس برس من التحقق من مقاطع الفيديو.
والى جانب القتلى الـ69، أوقعت الاشتباكات في اللاذقية منذ الخميس 78 قتيلا، بينهم 37 عنصرا من قوات الأمن و34 من المسلحين الموالين للأسد، إضافة الى سبعة مدنيين، وفق المرصد.
حرب شوارع
ومددت السلطات حظر التجول الذي فرضته منذ ليل الخميس في اللاذقية وطرطوس حتى صباح السبت "في ظل العمليات الأمنية والعسكرية.. ضد فلول النظام البائد"، بحسب ما أعلنت الجمعة.
ووصلت تباعا تعزيزات عسكرية الى المنطقة الساحلية، وهي بدأت "عمليات تمشيط واسعة في مراكز المدن والقرى والبلدات والجبال المحيطة" في محافظتي طرطوس واللاذقية، تستهدف "فلول ميليشيات الأسد ومن قام بمساندتهم ودعمهم"، وفق ما نقلت سانا عن مصدر قيادي في إدارة الأمن العام.
وشمل التمشيط مدينة جبلة ومحيطها، حيث هاجم مسلحون موالون للأسد ليل الخميس رتلا لقوات الأمن، موقعين قتلى، قبل أن تندلع اشتباكات عنيفة، تم على إثرها فرص حظر تجول.
وقال علي، أحد سكان المدينة متحفظا عن ذكر شهرته لوكالة فرانس برس "سمعنا خلال الليل دوي إطلاق رصاص وانفجارات (..) الأمر أشبه بحرب شوارع"، مشيرا الى أنه "لا شيء يطمئن" مع وصول تعزيزات عسكرية "كبيرة جدا".
وأوضح "يلزم الناس منازلهم والجميع خائفون".
وتشهد محافظة اللاذقية توترات أمنية منذ أيام، لكنها اشتدت الخميس في قرية بيت عانا، حيث خاضت قوات الأمن اشتباكات مع مسلحين تابعين للعقيد السابق في الجيش خلال حقبة الأسد سهيل الحسن، الملقب بـ"النمر" والذي كان يعد من أبرز القادة العسكريين.
واتهمت الاستخبارات السورية الجمعة "قيادات عسكرية وأمنية سابقة تتبع للنظام البائد" بالوقوف خلف الهجمات في الساحل.
قنبلة موقوتة
يشارك عناصر يعملون بإمرة وزارتي الداخلية والدفاع في العمليات الأمنية. وشاهد مراسل فرانس برس أرتال عسكرية انطلقت من محافظة إدلب، معقل هيئة تحرير الشام التي قادت هجوم الإطاحة بالأسد. ودعت مساجد المدينة عبر مكبرات الصوت الى "الجهاد" ضد المسلحين في الساحل.
ومنذ وصوله الى السلطة، وجه الشرع رسائل طمأنة الى المكونات السورية بينها الاقليات، على وقع مطالبته من المجتمع الدولي بإشراك كل الفئات في إدارة المرحلة الانتقالية.
وفي كلمة ألقاها الشهر الماضي، قال الشرع إن "السلم الأهلي واجب على أبناء الوطن جميعا وإن الدعوات المشبوهة التي تستدعي حالة الخطر لطوائف ما وتعرض نفسها الحامية والمنقذة دعوات فارغة".
ويشكل العلويون نحو تسعة في المئة من سكان سوريا ذات الغالبية السنية. وحضروا خلال حكم عائلة الاسد لأكثر من خمسة عقود، خصوصا في المؤسسات العسكرية والأمنية التي لطالما اعتمدت الاعتقال والتعذيب لقمع أي معارضة.
ويرى الباحث في مؤسسة "سنتشوري انترناشونال" آرون لوند أن "المسلحين العلويين لا يشكلون تهديدا لسلطة الشرع، لكنهم يمثلون تحديا محليا خطيرا" مبديا خشيته من أن يطلق التصعيد الأخير "العنان لتوترات من شأنها أن تزعزع الاستقرار بشكل كبير".
ويضيف "يشعر الطرفان أنهما تحت الهجوم، وكلاهما تعرض لفظائع مروعة على يد الآخر"، في وقت لا تملك حكومة الشرع للتعامل مع المسلحين العلويين، إلا "سلطة القمع، وجزء كبير من هذه السلطة يتكون من متشددين جهاديين يعتبرون العلويين أعداء الله".
ويتابع "لذا عندما تقع هجمات، تنطلق هذه الجماعات لتجوب القرى العلوية. لكن تلك القرى مليئة بالمدنيين الضعفاء، وبالعسكريين السابقين المسلحين" منبها "إنها قنبلة موقوتة".
وشهدت مدينة اللاذقية في الأيام الأولى بعد إطاحة الأسد، توترات أمنية تراجعت حدتها في الآونة الأخيرة. لكن ما زالت تسجل هجمات عند حواجز تابعة للقوى الأمنية من وقت إلى آخر، ينفذها أحيانا مسلحون موالون للأسد أو عناصر سابقون في الجيش السوري، وفق المرصد.
ويفيد سكان ومنظمات بين حين وآخر بحصول انتهاكات خلال عمليات تنفذها قوات الامن، تشمل مصادرة منازل أو تنفيذ إعدامات ميدانية وحوادث خطف، تضعها السلطات في إطار "حوادث فردية" وتتعهد ملاحقة المسؤولين عنها.الفلول لن تتوقف وتقتلنا بدم بارد".