مأساة جديدة.. النيران تلتهم خيام النازحين في منطقة بزيبز
أربيل (كوردستان 24)- لا تزال معاناة النازحين في العراق تتفاقم بشكل يومي، حيث أُضيفت مأساة جديدة إلى سلسلة المآسي التي يعيشها هؤلاء الأشخاص بعد أن التهمت النيران خيام بعض الأسر النازحة في منطقة بزيبز نتيجة تماس كهربائي. الحريق أدى إلى تدمير الخيام وتحويلها إلى رماد، تاركًا خلفه أضرارًا كبيرة وأرواحًا بريئة ضحية لهذه الكارثة.
وكانت الطفلة "نازك أمير"، التي لم تتجاوز من العمر ثلاثة سنوات، إحدى ضحايا الحريق بعد أن لاقت حتفها داخل خيمة عائلتها التي اشتعلت فيها النيران. الحادث وقع في وقت متأخر من الليل، حيث لم تندلع النيران إلا بعد أن غادر غالبية النازحين في المنطقة إلى أماكن أخرى بحثًا عن بعض الأمان في وقت شديد الصعوبة.
أم نازك، والدة الطفلة الضحية، تحدثت لكوردستان24 عن المأساة التي ألمّت بها وهي عاجزة عن إنقاذ طفلتها: "لم أتمكن من إنقاذها، كان الحريق سريعًا جدًا، ولم يكن هناك وقت للهرب أو لإنقاذها. كنت أصرخ وأبكي ولكن لا أحد كان بالقرب. جاء بعض الناس وحاولوا مساعدتنا، ولكن النيران كانت قد التهمت الخيمة بالكامل. وضعوا عليها بطانية بصعوبة، وأخرجوها وهي محترقة."
يُذكر أن الأسرة كانت قد نزحت من مدينة جرف الصخر قبل عدة سنوات بسبب النزاع العسكري، وكانوا يأملون في العثور على حياة أفضل، إلا أن ظروف الحياة في المخيمات لا تزال صعبة جدًا، لا سيما مع وجود نقص في الخدمات الأساسية.
أبو سامر، نازح آخر من منطقة جرف الصخر، أكد بدوره لكوردستان24 أن المخيمات التي يقطن فيها النازحون لا توفر الحد الأدنى من الأمان: "الخيم كلها دمرت، واطفالنا احترقوا. نحن نريد العودة إلى بيوتنا، لكن الحكومة لا تبذل جهدًا كافيًا لحل مشاكلنا. إذا لم يتمكنوا من إرجاعنا إلى ديارنا، فإننا نطالب ببناء بيوت منخفضة التكلفة. هذه هي مطالبنا البسيطة بعد 11 عامًا من العيش في المخيمات."
وما يزيد من تعقيد الوضع هو أن العديد من العائلات النازحة لا تجد دعمًا حكوميًا حقيقيًا، حيث تزداد شكاوى الأسر بشأن الإهمال الكبير من الجهات المعنية. وتصف وزارة الهجرة والمهجرين هذه المخيمات بأنها "عشوائية"، مما يزيد من معاناة سكانها ويضاعف من حجم المأساة.
أما أبو جاسم، وهو نازح آخر من جرف الصخر، فقد أبدى استياءه الشديد من الواقع الذي يعانيه النازحون في المخيمات. وقال لكوردستان24: "قبل ساعات قليلة فقط احترقت الكرفانات والخيمة التي كنا نعيش فيها، وقد توفيت الطفلة البريئة داخل الخيمة. كانت في عمر 3 سنوات فقط، وكان والدها مريضًا ومقعدًا، وكذلك والدتها التي كانت في حالة صحية سيئة. نحن في غاية الحزن، ولم نعد نحتمل هذا الوضع. نريد العودة إلى بيوتنا، حتى لو كان ذلك يعني العيش في خيمة داخل منطقتنا بدلاً من هذا الظلم الذي نعيشه."
منطقة بزيبز، التي تقع في محافظة الأنبار، هي واحدة من العديد من الأماكن التي استقبلت الآلاف من النازحين منذ عام 2014، بعد سيطرة تنظيم داعش على أجزاء كبيرة من العراق. ورغم أن الحكومة العراقية وحكومة إقليم كوردستان قد بذلت جهودًا لإيواء هؤلاء النازحين، إلا أن ظروف الحياة في المخيمات تظل صعبة للغاية، حيث يفتقر النازحون إلى الخدمات الأساسية مثل المياه الصالحة للشرب والكهرباء والمرافق الصحية.
وتعاني المخيمات من قلة الاهتمام من قبل السلطات المحلية، حيث تفتقر إلى بنية تحتية مناسبة، مما يزيد من المخاطر على حياة النازحين. كما أن العديد من الخيام التي يأوي إليها هؤلاء الأشخاص قديمة وضعيفة، مما يجعلها غير قادرة على تحمل الظروف المناخية القاسية أو الحوادث غير المتوقعة مثل التماسات الكهربائية التي أدت إلى هذه الكارثة.
في ظل هذه المأساة، يطالب النازحون الحكومة باتخاذ إجراءات عاجلة لتوفير حلول فعالة لهم، سواء كان ذلك من خلال تحسين ظروف الحياة في المخيمات أو تسريع عملية إعادة إعمار مناطقهم الأصلية لتمكينهم من العودة إلى ديارهم. وبالنسبة للعديد من هؤلاء النازحين، فإن العودة إلى منازلهم ليست مجرد خيار، بل هي حلم طالما كانوا ينتظرونه في ظل المعاناة المستمرة.
تقرير أحمد ناجي مراسل كوردستان24 في الأنبار