النزاع الوقفي يصل إلى جامع النبي يونس في الموصل

أربيل (كوردستان 24)- النزاع بين الوقفين السني والشيعي حول المساجد في العراق هو قضية معقدة ومتجذرة تاريخيًا وسياسيًا، وغالبًا ما تتفاقم بسبب التوترات الطائفية والصراعات السياسية التي شهدها العراق منذ الغزو الأمريكي عام 2003.
خلفية النزاع
بعد حل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية العراقية من قبل سلطة الائتلاف المؤقتة عام 2003، استُبدلت بثلاثة دواوين: ديوان الوقف السني، ديوان الوقف الشيعي، وديوان الوقف المسيحي والديانات الأخرى. هذا التقسيم أدى إلى ظهور نزاعات حول ملكية المساجد والأراضي الوقفية، حيث بدأت كل جهة تسعى للسيطرة على الممتلكات التي ترى أنها تابعة لها تاريخيًا أو دينيًا.
أسباب النزاع
1. الخلاف على الملكية التاريخية:
- هناك مساجد وأراضٍ وقفية كانت تُدار بشكل مشترك قبل 2003، لكن بعد تقسيم الأوقاف، بدأت كل جهة تدعي ملكيتها. على سبيل المثال، جامع الرحمن في منطقة المنصور ببغداد كان محل نزاع بين الوقفين، حيث أكد مصدر في الوقف الشيعي عام 2019 أن الجامع مسجل باسم وزارة الأوقاف سابقًا.
- في الموصل، اتهم الوقف السني نظيره الشيعي بمحاولة الاستيلاء على مساجد ومراقد في المدينة القديمة، وهي مناطق ذات أغلبية سنية، مؤكدا أن هذه المواقع أوقفتها عائلات سنية وأن هناك وثائق تثبت ذلك.
2. الدوافع السياسية والاقتصادية:
- العديد من المساجد المتنازع عليها تقع في مناطق حيوية أو تجارية، مثل جامع القزازة في زيونة ببغداد، وهذه المواقع غالبًا ما تكون مرتبطة بعقارات ومحلات تجارية ذات قيمة اقتصادية عالية، مما يجعلها هدفًا للاستيلاء.
- في نينوى، أشارمدير الوقف السني السابق أبو بكر كنعان إلى وجود دوافع مذهبية واقتصادية وراء محاولات الوقف الشيعي للسيطرة على هذه المواقع، خاصة أنها تشمل عقارات تجارية في مناطق الدواسة وباب السراي وغيرها .
3. التغيير الديموغرافي:
- هناك اتهامات بأن الاستيلاء على المساجد السنية في مناطق مثل سامراء، ديالى، وشمال بابل يهدف إلى تغيير التركيبة الديموغرافية لتلك المناطق. على سبيل المثال، في سامراء، استولى الوقف الشيعي على جامع علي الهادي بدعوى وجود مرقدين لأئمة الشيعة، مما أثار جدلًا حول إمكانية إدارته من قبل الوقف السني.
4. غياب الحلول القانونية الواضحة :
- رغم تشكيل لجان مثل "لجنة الفك والعزل" عام 2008 لحسم الخلافات، إلا أن عملها توقف لأسباب غير واضحة. قرارات سابقة، مثل تلك الصادرة في عهد نوري المالكي، نصت على أن ملكية الوقف تُحدد حسب مذهب الواقف، لكن هذا المبدأ لم يُطبق بشكل كامل.
- في نينوى، قرر مجلس المحافظة إيقاف نقل الملكيات بين الوقفين حتى يتم التثبت من الحجج الشرعية، لكن الوقف الشيعي لم يلتزم بهذا القرار في بعض الحالات.
أمثلة بارزة على النزاع
1. جامع أم الطبول في بغداد :
- هذا الجامع كان محور نزاع قانوني بين الوقف السني ومهدي الصميدعي، الذي استولى عليه بالقوة عام 2015 بعد طرد خطيبه الراتب، الدكتور عبد اللطيف الهميم، رئيس الوقف السني آنذاك، رفع دعوى قضائية وكسبها، حيث أكدت المحكمة أن الجامع وقف خيري تابع للوقف السني. لاحقًا، تقدم الوقف الشيعي بدعوى لضم الجامع إليه بناءً على طلب الصميدعي، لكن المحكمة حسمت الأمر لصالح الوقف السني.
2. جامع الرحمن في المنصور :
- هذا الجامع، الواقع في منطقة حيوية ببغداد، كان محل نزاع بين الوقفين. في 2019، نفى مصدر في الوقف الشيعي وجود صراع، مشيرًا إلى أن الجامع مسجل باسم وزارة الأوقاف سابقًا، وأن لجان العزل لا تزال تعمل على حسم ملكيته.
3. مساجد الموصل القديمة :
- الوقف السني اتهم نظيره الشيعي بمحاولة الاستيلاء على عدة مواقع دينية في المدينة، وهي مناطق ذات أغلبية سنية. هذه المواقع تشمل مساجد ومراقد، وغالبًا ما تكون مرتبطة بعقارات تجارية.
4. جامع علي الهادي في سامراء :
- استولى الوقف الشيعي على هذا الجامع بدعوى وجود مرقدين لأئمة شيعة، مما أثار انتقادات من الوقف السني الذي يرى أن هذا الاستيلاء جزء من محاولات تغيير ديموغرافي، خصوصا وان رئيس الوقف السني السابق احمد عبد الغفور السامرائي رفع عدة دعاوى لاثبات ملكيته للسنة ونقله للوقف لكنه جوبه بالرفض وعدم تطبيق القرارات التي اتخذتها السلطة القانونية.
نزاع جديد
في الموصل برز نزاع جديد حول المساجد بعد اعمارها، ومنها ما اثير مؤخرا حول جامع النبي يونس الذي تسعى جهة مدعومة من الحشد الشعبي للسيطرة عليه وجعله مقرا لمجموعة تطلق على نفسها اسم "الرباط المحمدي" وهو ما اثار حفيظة اهالي الموصل .
رئيس لجنة الاوقاف في مجلس محافظة نينوى سمية الخابوري دعت الى رفع صورة احد قادة هذه المجموعة والمدعو محمد الالوسي ، المثبتة على مدخل الجامع، والذي وصل الى مراحله الاخيرة في الاعمار من قبل المحسنين، مطالبة في الوقت ذاته عدم اثارة النعرات الطائفية في وقت تنعم فيه الموصل بالاستقرار بعد حرب وحصار ودمار .
فيما اتخذ مجلس محافظة نينوى قرارا يمنع تعليق صور الشخصيات في المساجد ومحيطها دون استثناءات.