"ذهب أسود وفقر مدقع".. البصرة بين ثرواتها المنهوبة ومعاناة سكانها اليومية

أربيل (كوردستان24)- رغم كونها أغنى مدن العراق بثرواتها النفطية، تعيش البصرة مفارقة موجعة: "مدينة الذهب الأسود" تحتضن معدلات فقر مرتفعة وتدهوراً بيئياً متسارعاً يهدد حياة سكانها.

ووفقاً لمكتب حقوق الإنسان في البصرة، فإن نسبة الفقر في المحافظة تلامس اليوم 40%، وسط تصاعد مقلق في نسب تلوث الهواء والماء والتربة. حيث باتت مناطق شاسعة من شمال وجنوب وغرب البصرة ملوثة بنسب تصل إلى 50%، بينما ترتفع نسبة تلوث التربة إلى 70-80%. أما مياه شط العرب، فتحتوي على ملوثات جرثومية بنسبة 80%، وملوثات كيمياوية بنسبة 40%.

مهدي التميمي، رئيس مكتب حقوق الإنسان في البصرة، أكد في حديثه لـكوردستان24 أن المكتب وجه بياناً للجهات السياسية الفاعلة، محذراً من خطورة استمرار الانقسام السياسي وتبعاته على المواطنين.

"المواطن البصري هو من يدفع ثمن الخلافات السياسية، ولا يجوز أن يكون تحسين معيشته مجرد مرحلة مؤقتة خلال فترة الانتخابات"، بحسب مهدي التميمي.

مأساة يومية تحت خط الفقر

في أحياء التجاوز العشوائي، يعيش آلاف المواطنين أوضاعًا مأساوية، بلا خدمات أو أمن سكني، مهددين يوميًا بإزالة منازلهم.

أم حسين، إحدى ساكنات تلك المناطق، وصفت حالها لـكوردستان24، "في الشتاء نغرق بالأمطار، وفي الصيف تقتلنا الحشرات والحر. لا نملك قوت يومنا، وابنتي تبيع قناني الماء في الشارع لنعيش".

أما أم رواء فتقول، "ابنتي تبيع الماء أمام المحكمة، وابني يبيع السجائر. كل يوم البلدية تهددنا بإزالة بيوتنا، ولا نعرف إلى أين نذهب، رغم أننا من أهل البصرة الأصليين."

بدوره، عبّر المواطن جبار حسن عن غضبه قائلاً، "خيرات البصرة للسياسيين، والمعاناة لنا. لا أحد يهتم بنا أو يقدم شيئًا لهذه المدينة التي تطعم العراق نفطًا وتعيش على فتات الخدمات."

فقر في أغنى مدينة

تظهر تقارير حقوقية أن تصنيف الفقر في البصرة لا يعتمد فقط على الدخل، بل على معايير غير منطقية، إذ يقول السكان إنهم لا يحصلون على راتب الرعاية الاجتماعية إلا إذا كانوا يسكنون في الشارع. هذه المفارقة تكشف عمق الفجوة بين ثروات المحافظة وأوضاع أبنائها.

البصرة، المدينة التي تطفو على بحر من النفط، تغرق اليوم في أزمات معيشية وبيئية خانقة، في ظل غياب حلول حقيقية وتحركات جادة تعيد لها ما تستحقه من حياة كريمة.

البصرة - كوردستان24 | تقرير: فؤاد الحلفي