سوق القيصرية في أربيل... من الحريق إلى التحفة التراثية

أربيل (كوردستان24)- بعد عامٍ كامل من أعمال الترميم المكثفة، استعادت السوق القيصرية التاريخية في أربيل جمالها ورونقها التراثي، لتتحول من موقع تضرر بشدة إثر الحريق إلى نموذج عمراني وثقافي يعبّر عن هوية المدينة وذاكرتها العريقة.

تصميم يحافظ على الأصالة

لا أثر اليوم لأي حريق في سوق القيصرية، بل على العكس، تبدو السوق أكثر أناقة وجاذبية من أي وقت مضى. فقد أُعيد تصميمها بعناية وفق رؤية ثقافية ومعمارية تحافظ على هويتها التاريخية، كونها إحدى أبرز المواقع التراثية المسجّلة لدى منظمة اليونسكو.

وبدأ أصحاب المحال التجارية تدريجياً في استئناف أعمالهم، معبرين عن ارتياحهم الكبير لما تحقق من إصلاحات.

ارتياح شعبي واسع

سمير ياسين، أحد أصحاب المحال، يقول: "نحن سعداء جداً بترميم السوق. في السابق، كانت المياه تتجمع داخلها عند سقوط الأمطار، أما اليوم فلدينا مجاري مياه منظمة، مياه نظيفة، وحتى شبكة الكهرباء أصبحت تحت الأرض."

أما شقيقه أمير ياسين، فأوضح: "باشرت العمل مجدداً بعد عيد الفطر، وألاحظ يومياً كيف تزداد السوق جمالاً. الحكومة نفذت خطوتين مهمتين لم تكونا متوفرتين سابقاً: نظام تبريد حديث في أفرع السوق، وتنفيذ أعمال الترميم بالكامل على نفقة الدولة دون تحميلنا أي تكاليف. نحن ممتنون لهم من أعماق قلوبنا."

مشروع ترميم ضخم

استغرقت أعمال الترميم قرابة عام كامل، وبلغت تكلفتها الإجمالية نحو 6 مليارات و600 مليون دينار عراقي، وفقاً للجهات الرسمية. ونُفّذت الأعمال بمعايير دقيقة تلائم الطابع التراثي للسوق وتراعي الاشتراطات المعمارية الخاصة بالمواقع التاريخية.

دعم حكومي مباشر للمتضررين

وقال محافظ أربيل، أوميد خوشناو في تصريح صحفي:

"بناءً على توجيهات رئيس حكومة إقليم كوردستان، تولّت الحكومة متابعة الأضرار التي لحقت بأصحاب المحال بعد الحريق مباشرة. ومنذ عام، بدأنا بتقديم تعويضات مالية للمتضررين. تضرر نحو 249 محلاً بالكامل، إضافة إلى محال أخرى تعرضت لأضرار جزئية، وتم شمول الجميع بالدعم."

إجراءات حماية وأمن وخدمات

شملت عملية إعادة التأهيل تجهيز السوق بمنظومة متكاملة من الخدمات، أهمها:

أنظمة متطورة لمكافحة الحرائق

كهرباء تعمل على مدار الساعة

كاميرات مراقبة حديثة لتعزيز الأمن

نظام تصريف مياه متكامل

شبكة تبريد داخلية ضمن السوق

كما قررت الحكومة إعفاء المتضررين من عدة رسوم ومصاريف للعام 2025، شملت:

الضرائب السنوية

رسوم الكهرباء والمياه

رسوم لافتات المحال

رسوم خدمة النفايات

وذلك في خطوة تهدف لتخفيف الأعباء عن التجار وتمكينهم من استعادة نشاطهم الاقتصادي دون أعباء إضافية.

السوق تنبض بالحياة من جديد

تُعد سوق القيصرية من أقدم الأسواق في أربيل، وتحمل قيمة حضارية واقتصادية وسياحية كبيرة. ومع اكتمال أعمال الترميم، عادت السوق لتفتح أبوابها من جديد أمام التجار والمتسوقين، في مشهد يُجسد تلاقي التاريخ مع الحداثة، والإرادة مع الإعمار.

 
Fly Erbil Advertisment