وجدان... شابة من ذي قار تتحدى الإعاقة وتحوّل غرفتها إلى مدرسة لتعليم الفتيات

أربيل (كوردستان24)- من قرية آلِ ملال شمال محافظة ذي قار، ووسط منزل بسيط بلا سبورة رسمية ولا جرس مدرسي، تنبض إرادة التعليم بقوة لاتعرف المستحيل. هنا، في غرفة صغيرة تحوّلت إلى صف دراسي، تصنع الشابة وجدان حسن نموذجًا فريدًا في التحدي والإلهام، رغم أنها لم تطأ قدماها يومًا مقاعد المدرسة.
وجدان، البالغة من العمر 23 عامًا، وُلدت بإعاقة جسدية حرمتها من التعليم النظامي، لكنها لم تستسلم للظروف. علمتها شقيقاتها الحروف الأولى، ومن هناك بدأت رحلتها الذاتية في تعلم القراءة والكتابة واللغة الإنجليزية، قبل أن تبدأ بتعليم الفتيات في قريتها.

تقول وجدان حسن في حديثها لكوردستان24، "لم أدخل المدرسة يومًا، لكن حبي للتعلم هو ما دفعني لتعليم نفسي. تعلمت القراءة والكتابة واللغة الإنجليزية، ثم بدأت أعطي الدروس للطلاب الآخرين. حياتي ليست سهلة، لكنها مليئة بالأمل والإصرار."
ما تقدّمه وجدان لا يقتصر على دروس المنهج الدراسي فقط، بل تمنح طالباتها درسًا في الحياة، بأن الإرادة لا تُقهر، وأن الإعاقة ليست نهاية، بل قد تكون بداية لقصة غير عادية.
زينب محمد، إحدى طالبات وجدان، قالت لكوردستان24، "درستُ معها اللغة العربية والعلوم والتربية الإسلامية، وتعلمنا منها كثيرًا لأنها تحب التعليم، ونحن نحبها بالمقابل."
أما الطالبة نرجس صادق، فتقول، "نطلق عليها اسم (الست وجدان)، لأنها علمتنا قواعد اللغة العربية والإنجليزية، من خلال المحاضرات التي تقدمها في غرفتها. تعلمنا منها الكثير."

وجدان لم تنتظر مبادرة رسمية، ولم تسمح للظروف الصحية أو المادية أن توقف شغفها بالعلم. بل صنعت من الألم قوة، ومن الإعاقة دافعًا، وأثبتت أن العقل لا يُقعده الجسد، بل ينهض بالإصرار والإرادة.
قصة وجدان ليست مجرد تجربة تعليمية، بل رسالة أمل عميقة، مفادها أن التعلم لا يحتاج إلى مدرسة، بل إلى قلب يؤمن بالمعرفة، وعقل يتحدى واقعه من أجل غدٍ أفضل.
تقرير: حيدر حنون – كوردستان24 – ذي قار