حرفة صياغة الفضة في سوق أربيل... تراث يتجدد وإقبال متزايد من المحليين والسياح
أربيل (كوردستان24)- في قلب سوق أربيل التاريخي، تتلألأ محلات صياغة الفضة التي ظلت لسنوات طويلة شاهداً على تراث المدينة العريق. وبين أزقة السوق القديمة وأصوات الباعة، يواصل الحرفيون نقل مهاراتهم جيلاً بعد جيل، مقدمين قطعاً فنية تجمع بين الأصالة والتجديد.
لقطات من سوق أربيل: كاميرا التقرير تتجول بين محلات بيع الفضة، حيث يظهر أحد الصاغة منهمكاً في تشكيل قطعة فضية يدوياً، مستعيناً بأدوات تقليدية ونار مشتعلة، وتبرز كلمة "زيفو" (zîv)، أي "الفضة" بالكوردية، لتؤكد مكانة هذا المعدن في التراث المحلي.
لقاء مع كاوه عمر، حرفي متخصص في صياغة الفضة
يتحدث كاوه عمر عن تطور هذه الحرفة قائلاً: "في الماضي، كانت صناعة الفضة محدودة وتقتصر على خواتم الرجال فقط. لم يكن يعمل في هذه المهنة سوى شخصين، أحدهما مسيحي يُدعى متي، والآخر عمي أنور. اليوم، الطلب على الفضة ارتفع كثيراً، خاصة من الأجانب. أصبح الزبائن يطلبون الخواتم والملابس الكوردية المصنوعة من الفضة، ونحن نصنعها حسب الطلب."
تنوع المنتجات بين الصناعة المحلية والمستوردة
يوضح كاوه عمر: "لدينا نوعان من البضاعة: هناك منتجات نصنعها يدوياً مثل الخواتم، وبعض الإكسسوارات الكوردية التقليدية التي يفضلها العملاء. وهناك بضائع جاهزة نستوردها من تركيا وإيطاليا. الصناعة الإيطالية معروفة بجمالها ودقتها، لكن عيار الفضة في كلا البلدين متشابه."
ويضيف مستعرضاً بعض النماذج: "هذه نماذج من شغلنا اليدوي، مثل هذا السوار الكبير و'الشوتك'، وهو إكسسوار يُرتدى بدلاً من القماش على الرأس، وأنواع أخرى من الأساور."
أهمية الحرف اليدوية والطلب المتزايد في المناسبات
ويواصل حديثه: "هناك نوعان من العمل: قطع نصنعها بالكامل بأيدينا، وقطع جاهزة تأتي من الخارج. وبعض الأحيان يجلب الزبائن أحجاراً كريمة نضيفها للفضة. حالياً، أصبحت الفضة رائجة جداً، خاصة في موسم عيد نوروز حيث يرتدي الناس الملابس الكردية ويطلبون مجوهرات تتناسب معها. حتى أننا نعمل في أيام العيد بسبب كثرة الطلب. الفضة اليوم بديل مناسب للذهب الذي ارتفع سعره كثيراً، إذ يبقى سعر الفضة في متناول الجميع ويعتمد في جزء منه على تكلفة العمل اليدوي."
الفضة المفضلة لدى السياح الأوروبيين
يؤكد كاوه عمر: "السياح القادمون من أوروبا يفضلون الفضة بشكل خاص، إذ أن الذهب لا يُرتدى بكثرة هناك، بينما الفضة ذات النقوش اليدوية تلاقي رواجاً كبيراً بين الزوار الفرنسيين والإيطاليين."
تغير العادات وقصة زبون فريدة
ويختم الصائغ بقصة طريفة: "أتذكر موقفاً عندما جاء رجل ليتزوج وطلب منّا أن نصنع لعروسه طقماً كاملاً من الفضة بدل الذهب، من الخاتم حتى القلادة والأقراط والحزام. كان ذلك نادراً في الماضي، لكنه اليوم أصبح أمراً اعتيادياً!"
سوق أربيل اليوم ليس مجرد مكان لبيع وشراء الفضة، بل هو فضاء حي يحافظ على تقاليد حرفية تتجدد مع كل جيل، وتعكس مزيجاً من التراث والتطور، وجسراً ثقافياً يربط أربيل بالعالم.
أعداد : كوردستان24 – أربيل
