العراق على مفترق طرق.. خبراء يحللون تداعيات انسحاب التحالف الدولي
أربيل (كوردستان24)- مع إعلان الحكومة العراقية الاتحادية عن قرب انسحاب قوات التحالف الدولي، يجد العراق نفسه أمام تساؤلات مصيرية حول مستقبله الأمني والسياسي، وما إذا كان سيتحول إلى ساحة صراع مفتوحة بين الولايات المتحدة وإيران، أم سينجح في الحفاظ على سيادته في منطقة تشهد تحولات استراتيجية كبرى.
في حوار تلفزيوني ضمن برنامج(باسى رۆژ – حديث اليوم) الذي يبث على شاشة كوردستان24 كل مساء، ناقش خبراء تداعيات هذا القرار، حيث تباينت الآراء حول دوافعه الحقيقية والسيناريوهات المحتملة لمرحلة ما بعد الانسحاب.
"رغبة إيرانية" أم قرار سيادي؟
من بغداد، اعتبر الخبير العسكري أحمد الشريفي أن المطالبة بانسحاب القوات الأمريكية وقوات التحالف ليست قراراً يعبر عن المصلحة الوطنية العليا، بل هي "رغبة إيرانية" تنفذها أطراف سياسية وفصائل مسلحة موالية لطهران.
وأوضح الشريفي أن "الحكومة العراقية الحالية تفتقر إلى الاستقلالية وتخضع لضغوط سياسية من حلفاء إيران في البرلمان"، مؤكداً أن غالبية العراقيين من السنة والكورد وحتى الشيعة لا يرغبون في رحيل القوات الأمريكية. وأضاف أن "هذه الحكومة التي تطالب بالانسحاب هي نفسها التي تطلب الدعم من حلف الناتو، مما يعكس وجود إرادة إيرانية تفرض نفسها على القرار السياسي العراقي".
وشدد الشريفي على أن الاتفاقية الاستراتيجية مع الولايات المتحدة الموقعة عام 2008 هي الخيار الأفضل للعراق، كونها تضمن له دعماً اقتصادياً وتنموياً طويل الأمد، وتمنحه شرعية دولية، على عكس العلاقة مع إيران.
"على العراق أن يبقى في المعسكر الأمريكي"
من جهته، أكد الكاتب والمحلل السياسي نبيل ميخائيل، في مداخلة من واشنطن، أن على العراق أن يحدد موقفه بوضوح، قائلاً: "يجب على العراق أن يبقى في المعسكر الأمريكي". وحذر من تكرار خطأ الانسحاب المتسرع الذي حدث عام 2011 وأدى إلى "كارثة داعش"، مشيراً إلى أن الوضع الحالي أكثر تعقيداً.
ودعا ميخائيل الحكومة العراقية إلى بناء "إجماع وطني شامل" يضم كافة المكونات السياسية والمجتمعية قبل اتخاذ خطوات حاسمة، وفتح حوارات استراتيجية مع دول الجوار مثل تركيا وإيران لتحديد ملامح سياسته الخارجية. وأضاف: "على العراق أن يقرر ما هي استراتيجيته، فلا يمكنه الموازنة بين إيران وأمريكا لفترة طويلة".
مخاوف من فراغ أمني وحرب أهلية
أثار الحوار تساؤلات حول الوضع الأمني بعد الانسحاب، خاصة في ظل استمرار خطر تنظيم داعش، واحتمال انتقال بعض القوات الدولية إلى إقليم كوردستان، وهو ما قد يجعله هدفاً لهجمات الميليشيات.
وحذر ميخائيل من أن "الوضع قد يتجه نحو حرب أهلية بين الميليشيات" إذا لم تتم إدارة المرحلة الانتقالية بحكمة، فيما رأى الشريفي أن "الحكومة غير ذات السيادة" قد تقود البلاد نحو سيطرة كاملة للجماعات المسلحة على الدولة.
يبقى مستقبل العراق معلقاً بقدرته على اتخاذ قرار استراتيجي شجاع، يوازن بين متطلبات السيادة الوطنية والتحديات الأمنية المعقدة في منطقة تموج بالصراعات.
