أنفال بادينان… 37 عاماً على الإبادة وجرح لم يندمل

أربيل (كوردستان24)- في مثل هذه الأيام، يستعيد أهالي منطقة بادينان في محافظة دهوك واحدة من أكثر الصفحات إيلاماً في تاريخهم الحديث، وهي المرحلة الثامنة من حملة الأنفال التي نفذها نظام البعث بين 25 آب و6 أيلول 1988، وأسفرت عن إبادة آلاف المدنيين وتدمير مئات القرى.
يقول ناصر جوكي، أحد وجهاء قرية كرساف، إن قوات النظام أفرغت القرية بشكل كامل خلال الحملة، مضيفاً: "قريتنا كرساف، ومعها قرى خورزا وبوزا وغيرها، اعتُقل عشرات الأهالي ولم يعد أحد منهم. أكثر من 60 منزلاً في بوزا وحدها أُخليت، والعائلات التي اقتيدت لم نرها بعد ذلك أبداً."

أما ياسين خورزي، من ذوي ضحايا الأنفال، فيروي: "في عام 1988 وبعد انتهاء الحرب العراقية – الإيرانية، اعتُقل جميع سكان منطقتنا ونُقلوا إلى قلعة دهوك. بعدها قُسموا إلى قسمين، أحدهما أُرسل إلى بحركة، والقسم الآخر ما زال مجهول المصير حتى الآن. لقد مرّت 37 سنة، وما زلنا نبحث عن رفاتهم دون جدوى."
القرى التي طالتها الحملة – خورزا، كرساف، تفتيا، گابارا، بوزا وداكا – كانت ذات موقع استراتيجي على حدود ثورات الكورد، ما جعلها هدفاً مباشراً لهجمات النظام. وبحسب الأهالي، فإن أكثر من 30 عائلة من هذه القرى اختفت تماماً في الأنفال، ولم يُعثر على جثث معظمهم حتى اليوم.

تُقدّر إحصاءات منظمات محلية ودولية أن المرحلة الثامنة من الأنفال أسفرت عن فقدان أكثر من 5 آلاف شخص وتهجير عشرات الآلاف من منازلهم. كما تم تدمير وإحراق نحو 600 قرية في المنطقة.
وفي 24 حزيران 2007، اعترفت المحكمة الجنائية العراقية العليا بأن ما جرى بحق الكورد يُعد جريمة إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية، فيما أقر البرلمان العراقي في 14 نيسان 2008 حملة الأنفال رسمياً كجريمة إبادة، وجعل من 14 نيسان يوماً سنوياً لإحياء ذكرى الضحايا.
بعد مرور 37 عاماً، ما زالت آثار المأساة ماثلة في أطلال القرى المدمرة وقلوب ذوي الضحايا. منازل مثل بيت حسين سيسو، الذي اختفى مع زوجته وأطفاله الخمسة، تقف شاهداً على واحدة من أبشع الجرائم التي ارتُكبت بحق الشعب الكوردي في القرن العشرين.
تقرير: درمان باعدري – كوردستان24 – دهوك