عناكب الأسلاك الكهربائية: مفارقة بين تايلاند السياحية وكوردستان الطامحة للتنظيم

أربيل (كوردستان 24)- في شوارع بانكوك الصاخبة، وبينما تتألق ناطحات السحاب وتنبض بالحياة، يرفع ملايين السياح رؤوسهم ليلتقطوا صورة لمشهد قد لا يقل غرابة عن المعابد الأثرية: شبكات هائلة من الأسلاك الكهربائية وأسلاك الإنترنت المتشابكة، التي تغطي أعمدة الإنارة وتتدلى فوق رؤوس المارة كعناكب سوداء عملاقة.

هذه المفارقة البصرية في بلد يزوره سنوياً نحو 30 مليون سائح ويُعد من القوى الاقتصادية الصاعدة في آسيا في مجالات الصناعة والزراعة، أصبحت جزءاً من الهوية الحضرية للمدينة.

فوضى الأسلاك هذه، رغم غرابتها، لا تعكس حقيقة التطور الذي تعيشه تايلاند، لكنها باتت مشهداً مألوفاً للسكان، وحتى ممراً آمناً لبعض الحيوانات مثل السناجب التي تتخذها جسوراً للتنقل بين الأشجار.

السائح الكوردي هوشمند لقمان، الذي زار تايلاند، يلخص انطباعه قائلاً: "المدينة جميلة جداً والأماكن رائعة، لكن أكثر ما لفت انتباهي وأثار استغرابي هو هذه الفوضى العارمة للأسلاك التي شوهت جمال المدينة وشوارعها".

لكن هذا المشهد، الذي قد يبدو فريداً في تايلاند، ليس غريباً على الإطلاق عن شوارع مدن إقليم كوردستان. ففي مدينة سوران، كما هو الحال في مدن أخرى، تتكرر نفس الصورة لشبكات الأسلاك المتداخلة والمعقدة، والتي تشكل مصدر قلق وإزعاج دائم للمواطنين.

يقول المواطن إسماعيل گونديژوري: "هذه الفوضى لا تشوه منظر شوارعنا فحسب، بل تشكل خطراً حقيقياً على حياة المواطنين. إنه مظهر غير حضاري على الإطلاق".

إلا أن الفارق الجوهري يكمن في أن هذا الواقع في كوردستان يتجه نحو التغيير. فبينما يبدو أن فوضى الأسلاك في تايلاند باقية، تعمل حكومة إقليم كوردستان، من خلال مشروع "روناكي" (الإنارة)، على إنهاء هذه الظاهرة بشكل جذري.

يوضح أردوان إبراهيم، المدير العام لكهرباء سوران، أن السبب الرئيسي لهذا التشابك في الإقليم يعود إلى أسلاك المولدات الأهلية الخاصة. ومع تقدم مشروع توفير الكهرباء الوطنية على مدار 24 ساعة، سيتم الاستغناء عن هذه المولدات، وبالتالي إزالة شبكاتها الفوضوية.

ويضيف إبراهيم: "مع اكتمال المشروع، سيتم إيقاف عمل 194 مولداً أهلياً في إدارة سوران المستقلة. إن الفوضى التي ترونها على الأعمدة سببها الرئيسي هو أسلاك هذه المولدات. وبإزالتها، لن يختفي هذا المشهد غير الحضاري فحسب، بل سيتمتع المواطنون بكهرباء وطنية مستقرة على مدار 24 ساعة".

وهكذا، بينما تبقى شبكات الأسلاك الفوضوية جزءاً من هوية المشهد الحضري في تايلاند، تسير مدن إقليم كوردستان بخطى حثيثة نحو تنظيم شبكاتها وتوديع هذا الإرث البصري المزعج، في خطوة لا تهدف فقط إلى تحسين الخدمات، بل إلى رسم صورة حضارية تليق بمستقبل الإقليم.

 

تقرير: تيفور محمد - كوردستان 24 - سوران

 
Fly Erbil Advertisment