بين البصرة ودهوك.. صناعتان تفصل بينهما سنوات من الإهمال والتخطيط

أربيل (كوردستان 24)- في الجنوب، حيث تمتدّ محافظة البصرة على ضفاف الخليج، تتبدّى صورة قاتمة لواحدة من أكثر المناطق الصناعية تدهوراً في العراق.

أما في كوردستان العراق، وتحديداً في دهوك، فثمة مشهدٌ مختلف تماماً لصناعةٍ منظمةٍ وحديثةٍ تُقدَّم كنموذجٍ يحتذى به في عموم البلاد.

البصرة… منطقة صناعية بلا حياة

في البصرة، تبدو الحياة شبه غائبة. شوارع تغصّ بالنفايات، وكلاب سائبة تجوب الطرق، ودخان كثيف يملأ الأجواء. أما أبسط الخدمات الأساسية – كالماء والكهرباء – فتكاد تكون معدومة في هذه المنطقة الصناعية التي تحوّلت منذ سنوات إلى بؤرة خطرٍ بيئي وصحي على أصحاب المعامل والعمّال والزائرين.

يقول خالد ضرغام، أحد الكسبة في المنطقة الصناعية: "ندفع شهرياً ما بين 25 إلى 75 ألف دينار للحكومة تحت عنوان الخدمات، لكنها لا تقدّم لنا لا ماء ولا كهرباء بشكل منتظم".

ويضيف أسعد عبد الرزاق، وهو صاحب محل آخر: "الإهمال والفساد هما السبب في هذا الوضع، المنطقة تراجعت بالكامل، ومع ذلك تُرسل منها السيارات إلى محافظات العراق كافة".

حتى إن أصحاب السيارات في البصرة باتوا يتداولون عبارةً ساخرةً كلما اضطروا إلى زيارة الورش الصناعية تحت لهيب الصيف: "اللهم لا تجعلنا نسلك طريق الصناعة". عبارة تختصر مشهداً صعباً يعبّر عن تدهور بيئي وخدمي طال أمده دون حلول فعلية.

دهوك… صناعة عصرية تنبض بالحياة

ومن أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال، تنتقل الكاميرا إلى إقليم كوردستان، حيث المشهد مغاير تماماً.

في محافظة دهوك، بُني قبل عامين فقط مجمع صناعي حديث لخدمة السيارات على مساحة 679 ألف متر مربع، وبتكلفة بلغت 62 مليون دولار، ليصبح واحداً من أكبر وأحدث المجمعات الصناعية في العراق.

يصف الزائرون هذا المشروع بأنه تحفة عمرانية وتنظيمية تضاهي المجمعات العالمية، لما يتميز به من بنية تحتية متكاملة، وشوارع منظمة، وحدائق خضراء ومساحات خدمية.

يقول حازم محمد، أحد السائقين الذين قصدوا المجمع لتصليح سيارته: "الحمد لله صناعتنا متطورة جداً، شوارعها منظمة وتضم حديقة وجامعاً، ولا نواجه أي نواقص. صناعتنا تُعرف بالنظافة والجودة".

ويضيف عمر جميل، وهو أحد الكسبة العاملين هناك: "منذ عامين اُفتتحت هذه الصناعة، ونحن ممتنون لحكومة إقليم كوردستان على دعمها. المكان واسع ومنظم، وتتوفر فيه كل الخدمات من الكهرباء إلى الأمن، حتى أنك لا تشعر أنك في منطقة صناعية بل في موقعٍ سياحي".

أرقام وإنجازات

يتكوّن المشروع من ستة أجزاء رئيسية، ويضم 2378 وحدة إنتاجية، إضافةً إلى 30 ألف متر مربع من المساحات الخضراء.

كما تم تزويده بخدمات الكهرباء على مدار 24 ساعة، ونظامٍ متطورٍ لإطفاء الحرائق، فضلًا عن الإنترنت، وموتيلٍ، ومركزٍ صحي، ومركز شرطة، مما جعله بيئة عمل آمنة ومنظمة وجاذبة للاستثمار.

مفارقة بين اقليم كوردستان يخطط وجنوبٍ ينتظر

بينما يواصل سكان البصرة شكواهم من غياب الخدمات الأساسية في مناطقهم الصناعية، تمضي دهوك بخطى ثابتة نحو نموذج تنموي حديث يعكس الرؤية التخطيطية لحكومة إقليم كوردستان في بناء بنية تحتية مستدامة تدعم الاقتصاد المحلي وتوفّر فرص العمل.

 

تقرير مشترك:  آرام بختيار (البصرة) - بيوار حلمي (دهوك) - كوردستان24

 
Fly Erbil Advertisment