الجفاف يحاصر المزارعين في وسط وجنوب العراق ويهدد الزراعة بالانهيار
أربيل (كوردستان24)- تتسع دائرة الجفاف في مناطق وسط وجنوب العراق، لتضرب في عمق الأراضي الزراعية التي كانت حتى وقت قريب مصدرًا رئيسيًا لإنتاج الخضروات والمحاصيل العلفية، بينما يقف المزارعون اليوم عاجزين أمام واقعٍ يهدد أرزاقهم واستمرار مهنتهم.
في السهول التي كانت خضراء يومًا، لم يتبقّ سوى بساتين الحمضيات والنخيل، وهي آخر ما صمد في وجه العطش. أما بقية المحاصيل، فقد ذبلت مع ندرة المياه وغياب الدعم.
يقول أحد المزارعين: "لم نعد نزرع شيئاً تقريباً، حتى الأعلاف الحيوانية لم نعد نحصل عليها. نزرع فقط الحمضيات والنخيل لأنهما يتحملان الجفاف أكثر من غيرهما. الدولة طبّقت نظام المراشنة بحيث يُسمح لنا بالسقي ليوم واحد في الأسبوع فقط، وهذا لا يكفي إطلاقاً. لذلك توقّفنا عن زراعة المحاصيل الخضرية مثل الباذنجان والطماطم والبامية والخيار، التي كنا نرسلها سابقاً إلى أسواق بغداد والمحافظات الأخرى."
ويضيف مزارع آخر وهو ينظر إلى أرضه المتشققة: "كنا في السابق نزرع كل أنواع الخضروات، وكانت أراضينا خضراء ومثمرة، أما الآن فقد تحوّلت إلى أرضٍ يابسة بسبب قلة المياه. نحن نعيش على أمل عودة الدعم الحكومي وتوفير مياه الري، لأننا لا نملك وسيلة أخرى للاستمرار في الزراعة."
أما مزارع ثالث فيلخّص المأساة قائلاً:"الجفاف دمّر حياتنا الزراعية. الأرض عطشى، والمحاصيل اختفت، والناس تركت الزراعة لأن الدولة لم توفر ما نحتاجه من مياه. نأمل أن تُعاد النظر بسياسة توزيع المياه قبل أن تُمحى الزراعة من هذه المناطق تماماً."
بحسب خبراء بيئيين، تراجع الإنتاج الزراعي في محافظات الوسط والجنوب إلى أقل من نصف معدلاته السابقة خلال السنوات الأخيرة، نتيجة شح المياه وارتفاع درجات الحرارة وتقلص الإطلاقات المائية القادمة من دول الجوار.
ويرى مختصون أن الأمن الغذائي في العراق بات مهدداً بشكلٍ مباشر إذا لم تُعتمد سياسات عاجلة لإدارة الموارد المائية وتحديث أنظمة الري، إضافة إلى دعم المزارعين ببدائل واقعية تساعدهم على الصمود أمام التغير المناخي المتسارع.
وبينما ينتظر المزارعون “موسم المطر” كأملٍ أخير، تبقى الحقول شاهدةً على أزمةٍ تتجاوز حدود الأرض لتلامس حياة الناس وموائدهم اليومية.