الديوانية... مدينة تتآكلها النفايات والإهمال رغم مليارات الدنانير المصروفة
أربيل (كوردستان24)- حين تطأ قدماك محافظة الديوانية، سرعان ما تصدمك مشاهد النفايات المكدّسة، والشوارع الترابية غير المكتملة، والمشاريع التي بدأت ثم تُركت معلّقة. هذه المشاهد ليست جديدة على سكان المدينة؛ فهم يعيشونها منذ أكثر من عشرين عامًا، وتحديدًا منذ عام 2003، من دون أن يلمسوا أي تغيير حقيقي في واقعهم الخدمي.
مدينة غارقة في الإهمال
يقول المواطن حسن محمد لكوردستان24:
"في الديوانية لم يحدث أي تغيير، والله لم يفعلوا شيئًا. اسأل طفلًا صغيرًا عن مدينته سيقول لك إنها صارت خرابًا. لا خدمات ولا بنى تحتية، وكأننا نعيش في مقبرة وادي السلام."
على مدى النظر، تمتد أكوام النفايات والأوساخ، في مشهدٍ يُشبه مدنًا دمّرتها الحروب أو الكوارث الطبيعية. ويؤكد المواطن علاء زبير:
"الخدمات هنا صفر. مقارنة ببقية المحافظات، الديوانية هي الأسوأ، لا طرق، لا صرف صحي، ولا ماء."
أطفال في مكبّات النفايات
تحوّلت مكبّات النفايات إلى "أماكن عمل" للأطفال.
ثماني ساعات يقضيها كل طفل يوميًا في جمع العلب المعدنية والبلاستيكية التي لا يتجاوز سعر الكيلو منها 100 دينار.
"حسن"، أبٌ لستة أطفال، اضطر إلى إخراجهم من المدارس ليساعدوه في جمع القمامة لتأمين لقمة العيش.
الطرقات... فخّ يومي للمواطنين
يقول المواطن حسين شاكر:
"إذا أردت الذهاب إلى الطبيب، فعليك أن تخاطر بحياتك. الشوارع مليئة بالحفر، والسيارات تكاد لا تسير. لو أصلحوها فقط، لتغيّرت حياتنا."
غزة العراق
في حيّ “نورة”، الذي لم تصله الكهرباء ولا الماء، يصف السكان مدينتهم بـ"غزة العراق"، لأنهم يرون أن غزة رغم الحرب لم تصل إلى مستوى الإهمال الذي يعيشونه.
يقول المواطن علي كاظم:
"المدينة محاصرة بالإهمال. نسأل مجلس المحافظة والمحافظ: ماذا تفعلون؟ لماذا تُتركون الناس بهذا الحال؟"
غضب وسخط
أما محسن نعيم فيوجّه رسالة للحكومة قائلاً:
"كفى زيارات إلى بغداد أمام الكاميرات. تعالوا وشاهدوا الديوانية بأعينكم. أين ذهبت الأموال؟ هل هذا هو مصيرنا بعد كل تلك الوعود؟"
أموال بلا أثر
على الرغم من أن ميزانية محافظة الديوانية بين عامي 2022 و2025 بلغت تريليوني دينار، خُصص منها 500 مليار دينار لموازنة الأمن الغذائي، و400 مليار دينار لمشاريع التنمية والخدمات، فإن النتيجة على الأرض معدومة — لا طرق، ولا ماء، ولا كهرباء.
في الديوانية، الإهمال يروي الحكاية أوضح من أي بيان رسمي.
بين مشاريع لم تكتمل وأموال اختفت في دهاليز الفساد، يعيش الناس بين الغبار والطين... بانتظار وعودٍ جديدة لمدينةٍ أنهكها الانتظار.