سعداوه.. الموقع الأثري الغامض الذي يكشف أسرار خمسة آلاف عام في سهل أربيل

أربيل (كوردستان24)- على بُعد 25 كيلومتراً من مركز مدينة أربيل، حيث يقع موقع "سعداوه" الأثري، أحد أهم الاكتشافات الحديثة في سهل أربيل، والذي بات شاهداً جديداً على عمق الحضارة الإنسانية في كوردستان.

في هذا التلّ الغامض، الذي ظلّ مطموراً تحت الرمال لآلاف السنين، كشفت البعثة الفرنسية للآثار عن سلسلة من المدن القديمة التي كانت تمتد عبر سهل أربيل، وتعود إلى ما يزيد على خمسة آلاف عام قبل الميلاد.

وتقول ماريا غراتسيا مازيتي، رئيسة البعثة الفرنسية: "هذا الموقع كان مركزاً مهماً لشبكةٍ من الاتصالات والتبادل التجاري بين سوريا والعراق القديم".

 

الحضارة التي وُجدت هنا امتدت حتى شمال سوريا، وتبيّن أن بعض المدن المكتشفة في هذا التل تحمل ملامح مدن أورك وأكاد القديمة، فيما تظهر آثار أخرى تعود إلى العصر الآشوري الوسيط في القرن الثالث عشر قبل الميلاد."

وتضيف مازيتي أن هذه الاكتشافات تُعدّ حلقةً أساسية لفهم تسلسل الحضارات في وادي الرافدين، وتُبرز الدور التاريخي لمنطقة أربيل كمحور حضاري بين الشرق والغرب منذ فجر التاريخ.

لم تقتصر الأبحاث على البعثة الفرنسية وحدها؛ فقد شاركت بعثات أثرية من عدة دول في مراحل التنقيب المختلفة، وتمكّنت من العثور على أدوات فخارية ومنازل ومعامل حرفية تعكس نمط الحياة في تلك العصور.

ويقول الدكتور نادر بابكر محمد، مدير دائرة الآثار في أربيل: "سعداوه لم يكن موقعاً معزولاً، بل جزءاً من سلسلة من التلال الأثرية في سهل أربيل، تُظهر أن المنطقة كانت مأهولة منذ آلاف السنين، وتشكل اليوم قبلةً للباحثين والبعثات الدولية التي تسعى لفهم جذور الحضارة في كوردستان والعراق القديم".

 

موقع سعداوه ليس مجرد تلّ أثري، إنه ذاكرة مفتوحة على تاريخ كوردستان القديم، حيث يمكن رؤية بدايات الزراعة والحرف الأولى، وبواكير التنظيم الاجتماعي والعمراني للإنسان.

ففي كل حملة تنقيب جديدة، تُكتشف طبقات أقدم من سابقتها، أقدمها حتى الآن يعود إلى نحو 3100 عام قبل الميلاد، فيما ترتبط قطع أخرى بعصور لاحقة من التاريخ الرافديني.

أن سعداوه اليوم يمثل جسراً بين الماضي والحاضر، ويدل على أن كوردستان لم تكن يوماً هامشاً في الحضارات القديمة، بل كانت قلبها النابض الذي ربط حضارات ميزوبوتاميا بالعالم من حولها.

تقرير : هفرست رجب – كوردستان24 - أربيل

 
Fly Erbil Advertisment