التميمي: غياب الثقة بالمؤسسات الاتحادية سببه ضعف الخدمات وتهميش الفيدرالية

أربيل (كوردستان24)- أكد المحلل السياسي العراقي علي التميمي أن المشكلة الجوهرية في النظام السياسي العراقي تكمن في غياب التمييز بين مفهوم الدولة والحكومة، مشيراً إلى أن الدولة هي الإطار العام الذي يضم جميع مؤسساتها، في حين تمثل الحكومة جزءاً من هذا الكيان الكبير.

وأوضح التميمي في لقاءٍ تلفزيوني مع قناة كوردستان24، أن العراق يقوم على نظامٍ فدرالي برلماني يفترض أن يمنح صلاحيات حقيقية للأقاليم، ويعتمد على قوة البرلمان سواء كان اتحادياً أو إقليمياً. وأضاف:

"كلما كان البرلمان منتخباً من قبل الشعب ويمثل المجتمع تمثيلاً حقيقياً، أصبحت المؤسسات الدستورية أكثر قدرة على تلبية احتياجات المواطنين."
وبيّن التميمي أن ثقة المواطنين بالمؤسسات العراقية تراجعت إلى أقل من 50%، مستشهداً باستطلاعات رأي ودراسات ميدانية تؤكد أن أغلبية العراقيين يعبّرون عن نظرة سلبية تجاه مؤسسات الدولة.
وقال:

"الثقة لا تُبنى بالشعارات، بل بالخدمات. وعندما نقارن بين محافظات إقليم كوردستان ومحافظات الجنوب، نرى فرقاً كبيراً في مستوى الخدمات والتنظيم وحتى الراحة النفسية للمواطنين."
وأضاف التميمي مثالاً:

"شاهدت شاباً في السليمانية يقول إنه لا يريد العودة إلى مدينته الأصلية، لأنه يشعر بالاستقرار النفسي هناك. هذه الراحة تأتي من خدمات ملموسة وبيئة آمنة يشعر المواطن فيها أن حقوقه مصانة."
وأشار التميمي إلى أن قطاعي الصحة والتعليم يمثلان الأساس في بناء أي مجتمع متطور، مؤكداً أن ضعفهما في العراق هو من أبرز أسباب تراجع التنمية والعدالة الاجتماعية.

وفي سياق حديثه عن أزمة رواتب موظفي إقليم كوردستان، قال التميمي إن قرارات المحكمة الاتحادية هي التي "خلقت العقدة في المنشار"، معرباً عن تأييده الكامل لما طرحه رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني بشأن ضرورة تشريع قانون المحكمة الاتحادية وقانون النفط والغاز وفق المواد الدستورية.

وأضاف أن مشروع قانون النفط والغاز "يتضمن إنشاء مجلس اتحادي للنفط" ينظم العلاقة بين الحكومة الاتحادية والأقاليم، ويحدد آليات التعاقد مع الشركات وتقسيم الإيرادات، مشيراً إلى أن هذا القانون يجب أن يكون من أولويات البرلمان القادم.

وفي محور آخر، تناول التميمي ظاهرة الفساد، معتبراً أنها ليست مجرد ممارسة فردية بل ثقافة اجتماعية تحتاج إلى تغيير جذري في السلوك العام.
وقال:

"الموظف الفاسد ليس وحده المسؤول، فالمجتمع أحياناً هو من يشجعه. الفساد يشبه الالتزام بالنظام والنظافة والمرور… هو سلوك وثقافة يجب أن تُزرع من الداخل."

وشدد على أهمية تطبيق القوانين بصرامة، وفرض عقوبات واضحة مثل السجن عشر سنوات للرشوة وخمس عشرة سنة للاختلاس، مؤكداً أن "الردع القانوني هو الطريق لترسيخ ثقافة الوظيفة العامة."

واختتم التميمي حديثه بالتأكيد على أن الحل الجذري لاستقرار النظام السياسي في العراق يكمن في وجود أغلبية حاكمة ومعارضة برلمانية فاعلة، كما هو معمول به في الأنظمة الديمقراطية الحديثة، مشيراً إلى أن غياب هذا التوازن يجعل القوانين بلا قوة، ويفتح الباب أمام الفوضى السياسية والطائفية.

"القوانين هي التي تُنظّم حياة الشعوب، وليست الشعوب من تُنظم نفسها. آن الأوان لتجريم الطائفية والتحريض، ووضع تشريعات صارمة تحمي التعدد والمواطنة."

 
Fly Erbil Advertisment