من ضفاف سدّ الموصل إلى دبي ثم العودة.. شاب يبتكر مركبة تسير فوق الماء بجهدٍ ذاتي
أربيل (كوردستان 24)- على ضفاف بحيرة سدّ الموصل، قضى الشاب هيثم محمد سنوات طفولته وشبابه بين القوارب والمياه. فقد اعتاد منذ أن كان في السادسة من عمره أن يعمل في تأجير القوارب والدراجات المائية، حتى أصبح الماء جزءًا لا يتجزأ من حياته اليومية وهويته الشخصية.
ومع مرور الوقت، بدأت تراوده فكرة غير مألوفة: صناعة مركبة يمكنها السير فوق سطح الماء. ويقول هيثم في حديثه لكوردستان24: "كنت أعمل على صناعة القوارب طوال فصل الصيف، لكن العمل يقل في الشتاء، فبدأت أفكر في مشروع جديد. وخلال رحلة لي إلى دبي رأيت مركبات برمائية تتحرك فوق الماء، فقلت لنفسي: سأصنع واحدة بيدي عندما أعود إلى الموصل".
عاد إلى مدينته وبدأ العمل من الصفر. جمع قطعًا من المعادن والخشب والآليات القديمة، وصنع القالب بيده، ثم قام بتغليفه بطبقات من مادة الألياف الزجاجية. بعد ذلك بدأ بتركيب الأجزاء الميكانيكية الدقيقة، من بينها:
المحرّك ونظام الدفع بالتوربين مع عمود نقل الحركة (الكوبلن) بالاضافة الى الدفة ومواقع التوازن
ويقول بفخر: "هذه المركبة صُنعت بالكامل بجهد يدوي، دون الاعتماد على ورش متخصصة. إنها ثمرة سنوات من الخبرة في الماء والعمل مع المحركات. والآن هي جاهزة وتعمل بشكل كامل".
إرث عائلي متجذّر
هيثم يؤكد أن علاقته بالماء ليست مجرد مهنة، بل إرث عائلي تناقلته الأجيال: "نحن أبناء الماء. جدي ووالدي عملوا هنا منذ تأسيس السد. نشأت بين البحيرة والانهر، ولا أستطيع أن أتخيّل حياتي بعيدًا عنها. واليوم أدرّب ابني ليتعلم هذه المهنة ويواصلها من بعدي، تمامًا كما ورثتها أنا عن والدي وجدي".
لحظات انتماء
المركبة التي صنعها أصبحت الآن مشهدًا مألوفًا في بحيرة سدّ الموصل، حيث يقضي هيثم معظم وقته في قيادتها والاستمتاع بأجواء المكان. يقول: "هذا هو عالمي… هنا أشعر بالراحة والسكينة. الماء هو موطني؛ كلما ابتعدت عنه أشعر أنني غريب".
قصة هيثم ليست مجرد ابتكار تقني، بل هي حكاية ارتباط عميق بالأرض والمكان، وإصرار على تحويل الأحلام إلى واقع، بالرغم من قلة الإمكانيات وتحديات الحياة اليومية.
من الموصل – تقرير كوردستان24
