مشاورات حاسمة بعد الانتخابات... وانقسام يهدد تحالف السوداني

أربيل (كوردستان24)- تتجه المشاورات السياسية في العراق إلى مرحلة بالغة الحساسية عقب الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وسط مؤشرات على تفكك محتمل داخل قائمة «الإعمار والتنمية» التي يقودها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وفق ما أفاد به سياسيون مطّلعون على حراك الأيام التي تلت إعلان النتائج.

وقال سياسيون إن عدداً من القيادات البارزة داخل القائمة، وفي مقدمتهم أحمد الأسدي وفالح الفياض، يظهرون استعداداً للابتعاد عن التحالف. ويرى مراقبون أن هذه التحركات تعكس نمطاً متكرراً لدى الفياض الذي اعتاد إعادة تموضعه السياسي بين التحالفات، ما يجعل استقرار قائمة السوداني بعد الانتخابات موضع تساؤل.

وفي المقابل، أكد مسؤول حزبي في «الإعمار والتنمية» لصحيفة (الشرق الأوسط) اللندنية، أن التحالف لا يزال متماسكاً، مضيفاً: «الحديث عن انتهاء فرصة الولاية الثانية للسوداني مبكر للغاية»، في إشارة إلى استمرار مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة.

انفتاح السوداني… ورسائل إلى التيار الصدري

كان السوداني قد صرح قبل أيام بأنه منفتح على جميع القوى السياسية، بما فيها التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، رغم مقاطعته الانتخابات، في محاولة لإظهار مرونة سياسية قد يحتاجها خلال صراع تشكيل الحكومة المقبلة.

خلفية سياسية: من جاء بالسوداني؟

بعد جمود سياسي دام أكثر من عام نتيجة الخلاف بين التيار الصدري والإطار التنسيقي، تمكن الإطار—الذي كان يضم الكتلة الأكبر في البرلمان المنتهية ولايته—من تمرير السوداني رئيساً للحكومة في 2022، رغم أنه لم يكن شخصية ذات حضور جماهيري واسع حينها.
وفي الانتخابات الأخيرة، حصل السوداني على نحو 45 مقعداً عبر قائمته الجديدة «الإعمار والتنمية»، بينما حصل خصومه في معسكر الإطار—أي ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، وعصائب أهل الحق بقيادة قيس الخزعلي، ومنظمة بدر بزعامة هادي العامري، إلى جانب قوى الدولة بزعامة عمار الحكيم—على أكثر من 90 مقعداً مجتمعين.

حراك مكثف داخل الإطار الشيعي

وتحرّكت قيادات الإطار فور ظهور النتائج؛ إذ التقى الخزعلي بالحكيم، ثم عقد العامري اجتماعاً مع المالكي. وبحسب مصادر سياسية، فإن الأطراف الأربعة الكبرى داخل الإطار متفقة على رفض منح السوداني ولاية ثانية. ويأتي رفض المالكي علناً، بينما تبدي بقية الأطراف مواقف «أكثر تحفظاً» لكنها تصب في الاتجاه ذاته.

وتشير المصادر إلى وجود تفاهمات أولية بين بعض النواب الفائزين ضمن قائمة السوداني وقوى الإطار، تهدف إلى التصويت لاحقاً لمرشح الإطار لرئاسة الحكومة، وليس للسوداني نفسه، رغم أن الدستور يمنع انتقال النواب بين الكتل رسمياً قبل تشكيل الحكومة.
هيمنة الإطار على منصب رئاسة الوزراء

ومن المتوقع أن يحسم الإطار خلال الأسابيع المقبلة مواصفات مرشحه لرئاسة الحكومة قبل عرضه على القوى السياسية الأخرى، في خطوة تعد أقرب إلى الإجراء الشكلي، إذ تنحصر مطالب القوى السنية والكوردية عادة بالحقائب العليا الخاصة بها، بينما يظل منصب رئيس الوزراء بيد التحالف الشيعي.

مفاوضات قد تمتد لأشهر

وبسبب عدم امتلاك أي طرف للأغلبية داخل البرلمان المؤلف من 329 مقعداً، يرجح أن تستغرق مفاوضات تشكيل الكتلة الكبرى وإعلان رئيس الوزراء الجديد أسابيع أو ربما أشهراً، على غرار الدورات السابقة التي شهدت أزمات انسداد سياسي طويلة.

خشية من تنامي نفوذ السوداني

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن سياسي بارز قوله إن الإطار منقسم حول دعم السوداني لولاية ثانية، خصوصاً بعد توسع نفوذه السياسي والإداري خلال العامين الماضيين، وسياساته القائمة على الموازنة بين واشنطن وطهران. كما واجه السوداني اتهامات تتعلق بالتنصت على سياسيين، ووصفها لاحقاً بأنها «كذبة القرن».

سيناريوهات مفتوحة

ولا تستبعد المصادر أن يتمكن السوداني من إعادة تشكيل تحالف داعم له داخل البيت الشيعي، أو أن تتوحد القوى ذاتها ضده. ففي العراق، حيث تتقاطع المصالح السياسية مع الانقسامات الطائفية، تبقى جميع السيناريوهات ممكنة.

وأكد مصدر في أحد أحزاب الإطار أن الاتفاق المبدئي داخل التحالف يقضي بـتوحيد الصفوف وتشكيل الكتلة الأكبر لاختيار مناصب الدولة العليا: رئيس الوزراء، رئيس البرلمان ونائباه، ورئيس الجمهورية.


المصدر: وكالات

 

 
Fly Erbil Advertisment