مشاركة الجماعات المسلحة في السياسة العراقية: مخاطر ومعضلات أمام واشنطن وبغداد
أربيل (كوردستان24)- في تطور سياسي لافت يشهده العراق بعد الانتخابات البرلمانية، عادت الجماعات المسلحة لتفرض حضورها داخل العملية السياسية من خلال حصولها على عشرات المقاعد في البرلمان الجديد، رغم التحفّظات والاعتراضات الأمريكية الواضحة. هذا الواقع يثير أسئلة ملحّة حول مستقبل المشهد السياسي، ومدى قدرة بغداد على ضبط نفوذ هذه الجماعات، وتأثير ذلك على استقرار البلاد وإقليم كوردستان على وجه الخصوص، فضلاً عن طبيعة الدور الأمريكي ومحدودية تأثيره في المرحلة الحالية.
لمناقشة هذه التطورات وتداعياتها، نستضيف من واشنطن انتفاض قنبر، رئيس لجنة حماية الكورد في الولايات المتحدة، للحديث عن المخاطر السياسية والأمنية، وموقف واشنطن، ورسائل العراق إلى المجتمع الدولي.
وهذا نص اللقاء:
مساء الخير أعزائي المشاهدين. في الوقت الذي كانت فيه الولايات المتحدة تصرّ على إبعاد الجماعات المسلحة عن العملية السياسية في العراق، نجد أنها تعود مجدداً إلى الواجهة بتحقيق أكثر من 50 مقعداً في البرلمان الجديد. هذا التطور يثير أسئلة عميقة حول مستقبل الاستقرار في العراق، ومدى تأثير واشنطن على قرارات بغداد، إضافة إلى تداعيات ذلك على إقليم كوردستان. للإجابة عن هذه الأسئلة، نستضيف السيد انتفاض قنبر، رئيس لجنة حماية الكورد في واشنطن.
كوردستان24: فوز الجماعات المسلحة بأكثر من 50 مقعداً ومشاركتها مجدداً في العملية السياسية… ما هي مخاطر ذلك؟
انتفاض قنبر: الخطر كبير ويمسّ العراق كله. حتى إقليم كوردستان سيدفع جزءاً من الثمن، رغم أنه ليس جزءاً من هذه الميليشيات. لكنه جزء من العراق، وبالتالي سيتأثر بكل ما يحدث. نحن هنا في واشنطن أوصلنا هذه الرسالة إلى البيت الأبيض، وتحديداً إلى الرئيس ترامب. أوضحنا أن ما يحدث غير مقبول.
هناك 62 عضواً في البرلمان العراقي ينتمون اليوم إلى جماعات مسلحة. نصيحتي لصانعي القرار في بغداد هي عدم إشراك هؤلاء في الحكومة وعدم منحهم السلطة التنفيذية.
كوردستان24: سيد قنبر، ما تأثير الرسائل التي تبعثون بها إلى واشنطن؟ هل تحدث فرقاً؟انتفاض قنبر: ما نقوم به هو محاولة لصياغة سياسة أمريكية واضحة تجاه العراق وتجاه الميليشيات. نعمل على أن تكون لدى البيت الأبيض رؤية محددة لكيفية التعامل مع هذا الواقع.
وبالتوازي، نبعث برسائل واضحة إلى بغداد—سواء كان القادم للسلطة السوداني أو العبادي أو المالكي—بوجوب عدم منح عناصر الميليشيات مناصب حساسة، خصوصاً في ظل انخراط واشنطن في جهود السلام في المنطقة.
كوردستان24: لكن أمريكا كانت لديها رغبة واضحة بمنع مشاركة هذه الجماعات… ومع ذلك لم يستمع العراق. هل تتوقع أن يستمع في المستقبل؟\
انتفاض قنبر: هنا تكمن المعضلة. البرلمان الجديد يضم شخصيات عليهم عقوبات أمريكية وموجودون على قوائم الإرهاب. وهذا يخلق تناقضاً واضحاً بين الواقع العراقي والسياسة الأمريكية.
المبعوث الخاص للرئيس ترامب، السيد مارك سافايا، قال بوضوح إنه لا يجب أن تكون هناك ميليشيات في العراق. لكن صعود هذه الجماعات يتناقض مع هذه الرسالة. لذلك نقول إن العراق في مأزق حقيقي.
كوردستان24: ما الرسالة التي يوجّهها العراق لأمريكا من خلال تمكين هذه الجماعات؟ هل هي رسالة تحدٍ؟\
انتفاض قنبر: للأسف، السيد السوداني لم يتعامل بجدّية مع هذا الملف.
أعطيك مثالاً: إليزابيث تسوركوف، التي اختطفتها كتائب حزب الله. صحيح أن رئيس الوزراء ساهم في إطلاق سراحها، لكن ذلك غير كافٍ. كان عليه معاقبة الميليشيات التي اختطفتها واحتجزتها لسنوات. هو القائد العام للقوات المسلحة، وهذه الجماعات تحت سلطته المباشرة. عدم معاقبتهم أرسل إشارة سلبية جداً لواشنطن. ولهذا أقول: “لم يعد العراق بلداً يوليه الأمريكيون اهتماماً كبيراً.”
كوردستان24: كيف يمكن فهم انعكاسات هذه الممارسات على إقليم كوردستان؟
انتفاض قنبر: إلحاق الضرر بكوردستان هو إلحاق الضرر بالعراق نفسه. هذه معادلة بسيطة وواضحة.
كوردستان24: مع انتهاء الانتخابات والنتائج النهائية المتوقعة غداً… ما هو الثقل السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني داخل العراق؟
انتفاض قنبر: لولا الحزب الديمقراطي الكوردستاني والرئيس مسعود بارزاني، لما سقط صدام حسين. الحزب لعب دوراً محورياً في كتابة الدستور، والرئيس بارزاني فتح منزله الخاص لاحتضان اجتماعات إعداد الدستور. بدون تدخله، لما وُلد نظام سياسي متوازن. من يهاجم الكورد أو الديمقراطي الكوردستاني اليوم، فهو—ربما دون أن يدرك—يلحق الضرر بالعراق نفسه. ما هو جيد لكوردستان هو جيد للعراق.”
كوردستان24: هذا “الفيروس”… هل هو عدد المقاعد التي حصلت عليها الميليشيات أم العقلية التي لم تُستأصل بعد؟
انتفاض قنبر: إنها العقلية. كل من يصل إلى السلطة في بغداد يبدأ أولاً بمهاجمة أربيل، منذ العهد الملكي، مروراً بعبد الكريم قاسم… وحتى ما بعد 2003. الحقوق التي ضمناها في الدستور ما زالت تُستهدف من قبل بعض الميليشيات التي تحمل نفس العقلية البعثية والشوفينية. هذه العقلية ترى في الكورد عدواً، وإيذاء الكورد يعني إيذاء العراق.
كوردستان24: شكراً جزيلاً لك سيد انتفاض قنبر على هذه المشاركة.
انتفاض قنبر: شكراً لكم.