رئيس مؤسسة "حباء للسلام": كوردستان نموذجٌ واقعي لمكافحة التطرف… وتجربتها قابلة للتطبيق في العراق وسوريا

أعزّاءنا المشاهدين، أهلاً وسهلاً بكم في هذا اللقاء الخاص على شاشة كوردستان24. نلتقي اليوم بشخصية أكاديمية بارزة وصاحبة بصمة واضحة في مجال تعزيز ثقافة السلام والتعايش ومكافحة التطرف في العراق والمنطقة.
يسرّنا أن نستضيف: الأستاذ الدكتور محمد سليم، رئيس مؤسسة حباء للسلام والتنمية المستدامة. أهلاً وسهلاً بك دكتور، وشكراً لحضوركم معنا في هذا اللقاء الخاص.

كوردستان24: دكتور محمد، أنتم من الضيوف الرسميين المشاركين في منتدى الشرق الأوسط للسلام والأمن. ومن بين القضايا المطروحة في هذا المنتدى مسألة التطرف في الشرق الأوسط. كيف تنظرون إلى خطاب التطرف في العراق والمنطقة؟ وكيف يمكن محاربة هذا الخطاب الخطير؟

الدكتور محمد سليم: شكراً لكم، وشكراً لقناة كوردستان24 ولجميع المشاهدين الكرام.

الحقيقة أن منتدى هذا العام مختلف ومهم جداً، لأن الشرق الأوسط يمر بمرحلة صعبة، خصوصاً خلال السنوات الأخيرة، في ما يتعلق بقضية غزة، والأوضاع في سوريا، وقضايا إقليمية أخرى محيطة بنا، إضافة إلى وضع العراق.
هذا المنتدى ناقش هذا العام قضايا مهمة جداً تتعلق بملفات العراق. كما تعلمون، العراق بلد متعدد الأطياف والأديان، وقد مرّ بمراحل صعبة خلال السنوات السابقة. لذلك كانت هناك نقاشات حول كيفية تجاوز العقبات وما ترتب عليها من تحديات في السنوات الماضية.

إضافة إلى ذلك، تطرّق المنتدى إلى مناقشة بعض الأوضاع الإقليمية مثل قضية غزة، وقضية سوريا، والقضية الكردية في المنطقة.

وهذا ليس غريباً، إذ إن كوردستان هي محطّ الأفكار والرؤى الكردية، كما أنها تستقبل ضيوفاً من مختلف دول العالم.

ناقش الضيوف هذه القضايا بعمق، مع التركيز على قضية التعايش السلمي، لأن التعايش لا يتحقق من دون قبول الآخر، وقبول الاختلاف، واحترام التنوع.

كوردستان24: كيف يمكن، برأيكم، العمل على تفكيك خطاب التطرف الذي يؤدي إلى تفكيك المجتمع؟

الدكتور محمد سليم: هذا السؤال مهم جداً… وكوردستان ليست جديدة على هذا الموضوع. فالقيادة الحكيمة في الإقليم تمتلك خبرة طويلة في احتواء جميع أطياف الشعب العراقي. منذ عام 2014، عندما سيطر تنظيم داعش على مناطق واسعة، لعبت كوردستان دوراً محورياً في مكافحة التطرف ومحاربة الإرهاب، وما زالت مستمرة حتى هذه اللحظة.

هناك قرارات حكيمة اتُّخذت في الإقليم من أجل قبول الآخر، ومحاربة التطرف، ومكافحة التكفير، ونشر الوسطية والخطاب المعتدل.

ومعروف أن مكافحة الإرهاب تبدأ أولاً بمكافحة التطرف، لأن التطرف العنيف هو الذي يؤدي إلى الإرهاب.

كوردستان24: تحدّثتم عن تجربة كوردستان في مكافحة التطرف والتعايش السلمي. هل يمكن نقل هذه التجربة وتعميمها على العراق وسوريا، خاصة وأن البلدين متعددان القوميات والأديان والمذاهب؟

الدكتور محمد سليم: نعم، وهذا ما بدأ يحدث بالفعل…فاليوم، خلال المنتدى، أكد رئيس حكومة إقليم كوردستان السيد مسرور بارزاني، خلال لقائه الأطراف السورية المشاركة، على أهمية نقل تجربة كوردستان والاستفادة منها في سوريا. كان هناك نقاش واضح حول كيفية نقل هذه التجربة، وبأي طريقة يمكن تعزيز تقبل الآخر وعدم تهميش أي مكوّن.

وأنا متفائل جداً. وكما تفضل القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، الجنرال مظلوم عبدي، فهناك خطوات جدية مع القيادة السورية، وهناك مراحل متقدمة قد تتكلل بالنجاح، مما سيؤدي إلى استقرار الشعب السوري عموماً، والشعب الكردي خصوصاً.

هذه الشراكة والدعم الذي تقدّمه كوردستان هو عامل مهم، ويؤكد أن تجربة الإقليم يمكن أن تكون أساساً لإعادة الاستقرار في سوريا.

كوردستان24: برأيكم، هل عدم وجود الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط مرتبط فقط بخطاب التطرف؟ وما أسباب ظهور هذا الخطاب في المنطقة؟

الدكتور محمد سليم: التطرف جزء كبير من المشكلة، لكنه ليس السبب الوحيد.

هناك عوامل كثيرة تؤدي إلى انتشار التطرف، منها:

الفقر
البطالة
التهميش
الجهل

وفي كوردستان نعمل منذ سنوات على معالجة هذه الأسباب، خصوصاً في ما يتعلق بتقبل الآخر، والتعايش السلمي، ونشر العلم، ونشر الوسطية.

عندما يصل المجتمع إلى مستوى من الثقافة ويقلّ فيه الجهل والبطالة، وتكون العلاقة بين الحكومة والمجتمع علاقة تعاون وثقة، سيكون هناك تأثير كبير على الحد من التطرف.

وبما أن العراق متعدد الأطياف والأديان والقوميات، وكثير منها موجود في كوردستان، فإن تجربة الإقليم يمكن أن تُعمم على المنطقة.

كوردستان24: ما أهمية الخطاب الوسطي في مكافحة التطرف داخل المجتمع؟

الدكتور محمد سليم: الخطاب الوسطي مهم جداً… هو يشكّل حاجزاً أمام الإرهاب، لأن الإرهاب لا يأتي إلا إذا سبقه تطرف عنيف. والمعالجة المبكرة للتطرف العنيف تختصر الكثير من الوقت والجهد والمال.

معالجة التطرف ليست مهمة الدولة وحدها، بل هي مسؤولية المجتمع كله.

فالحكومة لا تستطيع وحدها معالجة التطرف دون تعاون المجتمع ومؤسساته وفعالياته.

وهناك أنواع من التطرف:

تطرف ديني
تطرف سياسي
ولكل نوع جانب معين يحتاج إلى معالجة مختلفة.

الخطاب الوسطي أيضاً يساعد في تحقيق التنمية المستدامة، لأن التنمية لا تتحقق بوجود تطرف أو كراهية داخل المجتمع.

كوردستان24: هل وصل إقليم كوردستان إلى مستوى من الاستقرار يساعد على تحقيق أهداف التنمية المستدامة؟

الدكتور محمد سليم: نعم بشكل كبير…في الجانب السياسي هناك حوارات ومعالجات وصبر وقبول للآخر.

وهذا أدى إلى معالجة التطرف بشكل واسع. وفي الجانب الديني والاجتماعي أيضاً هناك جهود كبيرة ومهمة. لذلك أستطيع القول إن تجربة كوردستان في هذا المجال تجربة عظيمة.

كوردستان24: مع العلم أنه لا يوجد "شعب واحد" في العراق أو سوريا، بل شعوب متعددة، لماذا لا تتقبل بعض الأطراف هذا الواقع؟

الدكتور محمد سليم: هذا موضوع مهم… الإدارة والقيادة لهما دور كبير في إدارة الشعوب.

نحن لا نقلل من جهود العراق في مكافحة التطرف، لكن من المعروف عالمياً أن كوردستان سبقت العديد من الدول في المنطقة، وليس العراق فقط، في ما يتعلق بالتعايش وتقبل الآخر وتحقيق الأمن والاستقرار.

كوردستان24 : في الختام دكتور محمد سليم، رئيس مؤسسة حباء للسلام والتنمية المستدامة، شكراً جزيلاً لكم على هذا الحوار القيّم.

كما نشكر متابعينا الكرام على المشاهدة. نلقاكم في لقاءات أخرى على شاشة كوردستان24.


دمتم بخير.