دراسة عراقية تحذّر: تلوث مستمر باليورانيوم في بابل وارتفاع لافت بين المصابين بالسرطان
أربيل (كوردستان 24)- بعد عقود من انتهاء الحروب، كشفت دراسة جديدة عن أن اليورانيوم المنبعث من ساحات المعارك ما زال يتسلل إلى أجساد المرضى العراقيين.
وأظهرت القياسات المخبرية أن سكان محافظة بابل، إحدى المناطق التي شهدت نشاطا عسكريا كثيفا، يحملون مستويات مقلقة من اليورانيوم في أجسامهم، مع ارتفاع واضح لدى مرضى اللوكيميا مقارنة بالأصحاء.
وبحسب الدراسة التي أعدها الباحث حيدر عيسى من قسم التحليلات المرضية بكلية العلوم جامعة القاسم الخضراء بمحافظة بابل العراقية، والتي تنشرها دورية "أبلايد رادييشن آند آيزوتوبس" في عدد يناير المقبل، سجل مرضى اللوكيميا متوسط تركيز بلغ 2.57 ميكروغرام/لتر من اليورانيوم في البول، مقابل 1.39 ميكروغرام/لتر لدى الأشخاص الأصحاء، وهو فارق كبير وذو دلالة إحصائية عالية.
وتم الحصول على هذه الأرقام باستخدام تقنية شديدة الحساسية تُعرف بـ"تحليل الأثر الانشطاري" عبر كواشف "CR-39"، ما يجعل النتائج ذات موثوقية عالية.
وهذه التقنية، إحدى أكثر الطرق العلمية دقة في قياس كميات اليورانيوم المتناهية الصغر داخل العينات البيولوجية، وتعتمد على وضع العينة سواء كانت بول أو تربة أو صخور، فوق كاشف صلب من نوع " CR-39 "وتعريضه لتدفق محسوب من النيوترونات، ما يؤدي إلى شطر ذرات اليورانيوم داخل العينة وترك شظاياها لمسارات دقيقة داخل الكاشف، وبعد إظهار هذه المسارات عبر معالجتها كيميائياً، يتم عدّها تحت المجهر، بحيث يعكس عددها كمية اليورانيوم الموجودة.
ويؤكد الباحثون أن استخدام هذه التقنية يضمن حساسية عالية ودقة كبيرة تجعل النتائج موثوقة حتى في حالات التعرّض المنخفض والمزمن المنتشر في المناطق المتأثرة بالحروب.
وتُظهر البيانات أن التدخين والعمر يلعبان دوراً في زيادة تراكم هذا العنصر المشع داخل الجسم، بينما جاء الاكتشاف الأكثر إثارة للانتباه في أن جميع المشاركين، مرضى وأصحاء، حملوا آثار اليورانيوم، ما يشير إلى وجود مصادر بيئية مستمرة للتلوث قد تتضمن المياه الجوفية أو الغبار المتطاير في الهواء.
ويأتي هذا في سياق أوسع يشهد فيه العراق زيادة مطّردة في معدلات السرطان على مدى 3 عقود، ورغم صعوبة إثبات علاقة سببية مباشرة بين التعرض لليورانيوم وظهور اللوكيميا، إلا أن تزامن المناطق الأكثر تضرراً بالحروب مع ارتفاع نسب المرض يثير تساؤلات ملحّة حول التأثيرات الممتدة للذخائر المصنوعة من اليورانيوم المنضب التي استخدمت بكثافة خلال النزاعات العسكرية.
وتحذر الدراسة من أن المستويات المكتشفة تمثل جرس إنذار جديداً يستدعي تعزيز برامج المراقبة البيئية، وتحديد مصادر التلوث، وإجراء دراسات طويلة الأمد لفهم العلاقة بين اليورانيوم والأمراض الدموية.
المصدر: العين الإخبارية
