بطلة كوردية ناشئة في الدنمارك تحصد الذهب وتتمسك بجذورها الكوردية

أربيل (كوردستان 24) - داخل أحد الفصول الدراسية في الدنمارك، يسلّط كتاب مدرسي الضوء على إنجازات طالبة نموذجية. وإلى جانب النص الذي يسرد مسيرتها، يبرز رمز مميز بوضوح: علم كوردستان. كان وضع هذا العلم طلباً خاصاً من بطلة القصة نفسها، فالنتينا ماهر جميل، ابنة الأربعة عشر ربيعاً، والموهبة الفذة في رياضة الجمباز التي نجحت ببراعة في المزج بين نشأتها في المهجر وتمسكها الراسخ بجذورها في غرب كوردستان (سوریا).

ولدت فالنتينا في قرية "قوجيما" التابعة لمنطقة عفرين في شمال غرب سوريا (غرب كوردستان)، ووصلت إلى الدنمارك مع عائلتها وهي ابنة شهرين فقط. ورغم أنها قضت حياتها بأكملها في الدول الاسكندنافية، إلا أنها برزت كرياضية لا يُشق لها غبار وسفيرة فخورة بتراثها.

اكتشاف موهبة فطرية

بدأت رحلة فالنتينا مع الجمباز في سن الرابعة. ولم تكتشف إمكاناتها في مجمع رياضي متطور، بل في ساحة لعب بروضة الأطفال.

تقول فالنتينا لـ "كوردستان 24": "كنت ألعب وأقوم بحركات الجمباز في الروضة، حينها أخبرتني معلمتي: لديكِ موهبة رائعة، يجب أن تسجلي في نادٍ رياضي".

بناءً على توصية المعلمة، تواصلت المدرسة مع والدها، ماهر جميل، الذي وافق على الفور وشجعها على ممارسة هذه الرياضة. وكان ذلك القرار بمثابة الشرارة التي أطلقت مسيرة تنافسية لامعة؛ حيث شاركت فالنتينا في أول بطولة لها وهي في الخامسة من عمرها.

تستذكر فالنتينا بدايتها قائلة: "في البداية، كنت خجولة قليلاً، لكنني كنت أيضاً سعيدة جداً وفخورة".

منذ ذلك الحين، نافست في تسع بطولات في جميع أنحاء الدنمارك. وكان سجلها حافلاً بالهيمنة: فقد حصدت المركز الأول والميدالية الذهبية في سبع من تلك المسابقات، ونالت الميدالية الفضية في اثنتين أخريين. ورغم كثافة نجاحاتها، فإنها لا تزال تحتفظ بحب نقي للرياضة، حيث تقول: "أحب لعبة الجمباز كثيراً؛ والتدريبات لا تبدو شاقة بالنسبة لي".

الكتاب والعلم

لا يقتصر تميز فالنتينا على الصالات الرياضية، فهي طالبة متميزة أيضاً. وقد أثار انضباطها الأكاديمي والرياضي إعجاب مدرستها لدرجة أنهم أصدروا كتاباً يوثق مسارها الملهم.

أثناء إعداد الكتاب، طرح أحد المعلمين سؤالاً محورياً على فالنتينا: "هل تريدين وضع علم كوردستان على الصفحة؟".

أجابت فالنتينا بحماس: "قلت نعم. أنا سعيدة جداً، وأحب علم كوردستان كثيراً".

بالنسبة لفالنتينا، لم تكن هذه اللفتة مجرد رمز، بل كانت إعلاناً عن الهوية داخل مؤسسة غربية. وهي تعزو هذا الثبات إلى والديها، قائلة: "لقد علمنا والدي حب الوطن، وكوردستان وعفرين، وحرص على ألا ننسى لغتنا".

وفي سن الرابعة عشرة، انتقلت فالنتينا بالفعل إلى دور قيادي؛ حيث تعمل حالياً كمدربة مساعدة في نادي "سيخايل" بالدنمارك، لتدريب الأطفال الأصغر سناً. وهي توازن بين هذه المسؤولية وتدريباتها الخاصة التي تجري مرتين أسبوعياً، وبين واجباتها المدرسية.

تقول فالنتينا: "أنا بالتأكيد أقبل المسؤولية، أتلقى التعليمات من المدرب الرئيسي، وأحب الأطفال الصغار كثيراً".

وترى في التدريب فرصة لنقل القيم التي ورثتها عن والديها: "الأطفال الدنماركيون يعرفون أنني من كوردستان. لقد علمني والداي حب الناس واحترامهم، وأنا أتحدث مع الأطفال بنفس الاحترام الذي تعلمته في المنزل".

وفي تطلعها نحو المستقبل، تحمل فالنتينا حلماً مزدوجاً: المنافسة على أعلى المستويات والحفاظ على تراثها. وتعلن بفخر: "آمل أن أمثل الدنمارك، وفي الوقت نفسه، أن أرفع علم كوردستان بكل فخر".

وتوجه رسالة تمكين للشباب الكوردي في المهجر قائلة: "نحن بحاجة إلى العلم والمعرفة، وممارسة الهوايات بفخر ونجاح".

رسالة أب في المهجر

يقف خلف نجاح فالنتينا عائلة كرست نفسها للحفاظ على ثقافتها مع الازدهار في مجتمع جديد. وقد أعرب والدها، ماهر جميل، عن عميق امتنانه لفرصة مشاركة قصتهم.

وأوضح جميل أن الحفاظ على الهوية الكوردية أثناء العيش في أوروبا يتطلب جهداً مقصوداً.

يقول جميل لـ "كوردستان 24": "أنا أزرع الروح الوطنية فيهم. أعلم أطفالي عن الشعب الكوردي في أجزاء كوردستان الأربعة، ونحن نتحدث اللغة الكوردية في المنزل".

بالنسبة لجميل، فإن رؤية ابنته تُكرم في كتاب دنماركي يظهر فيه علم كوردستان هي لحظة تقدير قصوى. ويضيف: "أنا فخور جداً وسعيد برؤية أطفالي متمسكين بهويتهم القومية الكوردية".

وقدم نصيحة للعائلات الكوردية الأخرى في أوروبا التي تخشى ضياع ثقافة أبنائها، حاثاً إياهم: "آمل أن تكون العائلات رمزاً ومثالاً للكوردايتي (الروح الوطنية الكوردية). يجب عليهم التحدث بالكوردية في منازلهم ودعم أطفالهم في جميع المجالات، وخاصة في العلم والمعرفة".