الدين والقومية.. علاقة تكاملية ترسم ملامح الهوية

الباحث والأكاديمي عبد الرحمن صديق
الباحث والأكاديمي عبد الرحمن صديق

أربيل (كوردستان 24)- في حلقة فكرية مميزة من برنامج "به كوردي" (بالكوردية) الذي يقدمه الإعلامي نذير كاداني، استضاف البرنامج الباحث والأكاديمي عبد الرحمن صديق لمناقشة جدلية العلاقة بين "القومية" و"الدين"، وكيف يمكن لهذه الثنائية أن تشكل هوية متماسكة بعيداً عن الصراعات المفتعلة.

استهل الدكتور عبد الرحمن صديق حديثه بالتأكيد على أن القرآن الكريم لم يلغِ الانتماء القومي أو القبلي، بل جعله مدخلاً للتعارف والتآلف.

وأشار صديق إلى لفتة بيانية عميقة في النص القرآني؛ حيث وصف الله تعالى الأنبياء بأنهم "إخوة" لأقوامهم، كما في قوله تعالى: "وإلى عاد أخاهم هوداً" و"وإلى ثمود أخاهم صالحاً".

وأوضح صديق أن هذا التوصيف الإلهي يثبت أن الرابطة القومية تظل قائمة ومحترمة حتى في سياق الرسالات السماوية، وأن "الأخوة في القوم" هي ركيزة أساسية لا تتعارض مع "الأخوة في الدين"، بل تدعمها.

وفي معرض رده على التساؤلات حول أيهما يسبق الآخر؛ الهوية القومية أم الدينية، قدم الدكتور صديق تشبيهاً فلسفياً.

معتبراً أن "القومية هي الجسد، والدين هو الروح". وأكد أنه لا يمكن تصور وجود أحدهما دون الآخر؛ فالروح تحتاج لجسد يحتويها، والجسد بلا روح يظل بلا حياة أو معنى.

وأضاف: "الإنسان يولد ضمن قومية محددة باختيار إلهي، ثم يختار دينه أو يمارسه كمنهاج حياة، وهذا التكامل هو الذي يصنع التوازن النفسي والاجتماعي للفرد والمجتمع".

تطرق الحوار إلى مفهوم "الولاء والخدمة"، حيث شدد الدكتور صديق على مبدأ شرعي وقرآني وهو "الأقربون أولى بالمعروف".

وبيّن أن خدمة الإنسان لقومه وأمته الكوردية ليست تعصباً، بل هي امتثال لأولوية أخلاقية ودينية.

وقال صديق: "حينما يحثنا الدين على الصدقة والعمل الصالح، فإنه يبدأ بالوالدين، ثم الأقربين، ثم الجيران. وبالقياس، فإن خدمة قومك الذين تشترك معهم في الأرض واللغة والتاريخ هي الخطوة الأولى والأساسية قبل الانتقال إلى الدائرة الإسلامية الأوسع أو الدائرة الإنسانية الشاملة".

اختتم الدكتور عبد الرحمن صديق حديثه بالتأكيد على أن محاولات الفصل بين "الكوردايتي" (القومية الكوردية) وبين "الإسلام" هي محاولات غير منطقية وتفتقر للفهم العميق للنصوص الدينية.

فالمسلم الكوردي هو وحدة واحدة، يعتز بانتمائه القومي كجزء من فطرته ووجوده، ويتمسك بدينه كمنهج هداية، ليكون في النهاية إنساناً فاعلاً يخدم مجتمعه والبشرية جمعاء.