بين "فوهات البنادق" و"مقاعد البرلمان".. ما الذي دفع الفصائل المسلحة العراقية لإبداء الرغبة بتسليم سلاحها؟

أربيل (كوردستان24)- في تحول دراماتيكي لم يكن مألوفاً في أدبيات "المقاومة" أو قواميس الفصائل المسلحة، ساد مشهد جديد في الأوساط السياسية العراقية؛ فبعد سنوات من التمسك بالسلاح، أبدت أغلب هذه الفصائل فجأة رغبتها في نزع السلاح وتسليمه للدولة. هذا التحول لم يستغرق سوى وقت قصير، وتزامن بشكل لافت مع اقتراب وصول مبعوث الرئيس الأمريكي إلى العراق (سافايا)، مما فتح الباب على مصراعيه أمام تساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراء هذا القرار.

خبراء في الشأن الأمني قرأوا هذا المشهد من زاوية "الضغوط الخارجية"، مرجعين السبب إلى رسائل تهديد أمريكية وصفت بـ"الجدية"، وصلت عبر قنوات متعددة.

وفي هذا الصدد، يقول الخبير الأمني الدكتور أمير الساعدي: "ما نشهده اليوم من إجراءات تتخذها الفصائل يتماشى بوضوح مع الضغوط الأمريكية التي تم التأكيد عليها سابقاً عبر المبعوث الخاص (سافايا)، وكذلك (توم براك) المبعوث الخاص في سوريا، فضلاً عن الإشارات الدبلوماسية المتكررة الصادرة من القائم بالأعمال الأمريكي في بغداد".

بالمقابل، يرى مراقبون للشأن السياسي أن الدافع ليس أمنياً فحسب، بل هو "سياسي بامتياز". فبعد أن تمكنت هذه الفصائل من حصد كتلة نيابية وازنة في مجلس النواب، أصبح الحفاظ على المكاسب السياسية والامتيازات الحكومية أولوية قصوى، حتى وإن تطلب الأمر التضحية بـ"خيار السلاح".

المحلل السياسي عباس الجبوري يشير إلى هذه النقطة قائلاً: "تمتلك هذه الفصائل اليوم نحو 90 نائباً في البرلمان، ومن المفترض منطقياً أن تندمج مع الدولة وتصبح جزءاً من مؤسساتها. الالتزام بالقوانين وقرارات الدولة هو السبيل الوحيد للحفاظ على مكتسباتها وإخراج العراق من دوامة الأزمات المستمرة".

ورغم هذا "الإجماع المبدئي" على تسليم السلاح، إلا أن الشارع العراقي لا يزال يتوجس من "آلية التنفيذ" التي لا تزال غامضة حتى الآن. والسؤال الأكثر إلحاحاً: هل سيؤدي تسليم السلاح إلى ذوبان هذه الفصائل داخل مؤسسات الدولة واختفاء أسمائها مع الوقت، أم أن ما يجري هو مجرد "تكتيك" لامتصاص العواصف الخارجية والداخلية؟

تقرير: سيف علي – كوردستان 24 - بغداد