إسرائيل تؤكد مواصلة الحرب في غزة بعد قرار مجلس الأمن لزيادة المساعدات

أربيل (كوردستان 24)- شنّت إسرائيل السبت عمليات قصف إضافية على غزة مع تأكيدها مواصلة الحرب ضد حركة حماس بعيد صدور قرار من مجلس الأمن الدولي يدعو الى زيادة كبيرة وفورية في المساعدات الإنسانية للقطاع المحاصر.
وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحماس صباح السبت مقتل 18 شخصا في قصف إسرائيلي على منزل في مخيم النصيرات وسط القطاع "خلال الليلة الماضية".
وأكدت أن الجيش الإسرائيلي يواصل "القصف المكثف" لمختلف أنحاء القطاع، مشيرة الى مقتل أكثر من 400 شخص في الساعات الثماني والأربعين الأخيرة.
وتصاعد دخان كثيف في سماء خان يونس، كبرى مدن جنوب القطاع، بعد غارات إسرائيلية صباح السبت، وفق لقطات لوكالة فرانس برس.
من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي السبت أنه "في إطار النشاطات الميدانية في منطقة عيسى جنوب مدينة غزة قامت قوات كانت تهم بالاستعداد لكمين محكم بتنفيذ عملية إطلاق نار كانت تهدف لتمويه العدو مما دفع عشرات المخربين للهروب نحو مبنى كان يستخدم كمقر قيادة حمساوي"، مشيرا الى أن طائرة حربية قامت بقصف المبنى بعد ذلك.
كما أشار الى "تدمير عدة بنى إرهابية أخرى" كانت تستخدمها حماس.
ويأتي تواصل العمليات بعد ساعات من مطالبة مجلس الأمن الذي يواجه انتقادات لفشله في اتخاذ أي خطوة ملموسة حيال الحرب المستمرة منذ أكثر من شهرين، بزيادة "واسعة النطاق" للمساعدات دون الدعوة إلى وقف لإطلاق النار ترفضه واشنطن حليفة إسرائيل.
وتبنى المجلس القرار 2720 الذي يدعو "كل الأطراف الى إتاحة وتسهيل الإيصال الفوري والآمن ومن دون عوائق لمساعدة إنسانية واسعة النطاق"، واتّخاذ إجراءات "عاجلة" لذلك و"تهيئة الظروف لوقف مستدام للأعمال القتالية".
ويطالب النص أيضا باستخدام "كل طرق الدخول والتنقل المتاحة في كل أنحاء قطاع غزة" لتوصيل الوقود والغذاء والمعدات الطبية إلى القطاع.
وصدر القرار بتأييد 13 من الأعضاء وامتناع الولايات المتحدة وروسيا.
لكن تأثيره على الأرض يبقى موضع تساؤل، اذ إن المساعدات التي تدخل قطاع غزة بكميات محدودة لا تقارن بالحاجات المتعاظمة لسكانه البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة نزحت غالبيتهم العظمى في ظل الحرب والدمار الذي طال غالبية مقومات الحياة اليومية.
وفي حين أن قرارات المجلس ملزمة، لا يمنع ذلك بعض الدول من عدم احترامها.
وبعد صدور القرار، أكد وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين أن الدولة العبرية ماضية في هدفها "القضاء" على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تسيطر على القطاع منذ العام 2007.
وكتب على منصة "إكس" أن "إسرائيل ستواصل الحرب في غزة الى حين الإفراج عن كل الرهائن والقضاء على حماس في قطاع غزة"، مشددا على أن إسرائيل "ستواصل تفتيش كل المساعدة الانسانية الى غزة لأسباب أمنية".
- "ليس نصا مثاليا" -
وأثار قرار مجلس الأمن ردودا متفاوتة.
وعلقت لانا زكي نسيبة سفيرة الإمارات التي قدمت النص، "نعلم أنه ليس نصا مثاليا، ونعلم أن وقف إطلاق النار وحده هو الذي سيضع حدا للمعاناة"، مضيفة أن النص "يستجيب عمليا للوضع الإنساني اليائس للشعب الفلسطيني".
من جهتها، قالت حماس إنه "خطوة غير كافية، ولا تلبّي متطلبات الحالة الكارثية التي صنعتها آلة الإرهاب العسكري الصهيونية في قطاع غزة".
واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن "وقفا لإطلاق النار لأسباب إنسانية هو السبيل الوحيد لتلبية الحاجات الماسة للسكان في غزة ووضع حد لكابوسهم المستمر".
ورأى أن "المشكلة الحقيقية" أمام المساعدات هي "الهجوم" الإسرائيلي.
وتغيّر نص القرار عن الصيغة التي كانت الامارات طرحتها، خشية استخدام واشنطن مجددا حق النقض (الفيتو). وأزيلت الإشارة إلى "وقف عاجل ودائم للأعمال العدائية"، ومثلها الدعوة الى "تعليق عاجل للأعمال العدائية".
وهي المرة الثانية ينجح المجلس بإصدار قرار بعدما دعا في 15 تشرين الثاني/نوفمبر إلى "هدن إنسانية". ورُفضت خمسة نصوص أخرى خلال شهرين، من بينها اثنان بسبب الفيتو الأميركي، آخرهما في 8 كانون الأول/ديسمبر إزاء دعوة إلى "وقف إطلاق نار إنساني".
وأكدت السفيرة الأميركية ليندا توماس غرينفيلد أن مفاوضات تعديل الصيغة كانت ضرورية "لوضع الأمور في نصابها الصحيح"، وأن المجلس قدّم "بصيص أمل في محيط من المعاناة التي تفوق التصور".
- وضع صحي "كارثي" -
وغابت من النصّ إدانة أو حتى ذكر اسم حماس، وهو ما انتقدته إسرائيل والولايات المتحدة. ودان القرار "كل أعمال الإرهاب" وكذلك "كل الهجمات ضد المدنيين"، وطالب بالإفراج "غير المشروط" عن جميع الرهائن.
وتوعدت إسرائيل بـ"القضاء" على حماس ردا على على الهجوم غير المسبوق الذي نفذته الحركة على أراضيها في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، وأدى إلى مقتل نحو 1140 شخصا غالبيتهم من المدنيين، بحسب تعداد أعدته وكالة فرانس برس استنادا إلى الحصيلة الإسرائيلية.
كما احتجز مقاتلو حماس وفصائل أخرى نحو 250 رهينة، ما زال 129 منهم محتجزين في غزة، بحسب إسرائيل.
وخلفت العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة حتى الآن 20057 قتيلا، معظمهم من النساء والأطفال، وأكثر من 50 ألف جريح، وفق أحدث حصيلة لحكومة حماس.
وأدت الحرب الى دمار واسع في غزة، وأحالت أحياء بكاملها ركاما. كما بلغ الوضع الانساني مستويات كارثية بعدما شددت إسرائيل حصارها على القطاع بعيد اندلاع الحرب، وقطعت امدادات المياه والكهرباء والوقود والمواد الغذائية.
ورغم السماح بدخول قوافل إغاثية، تؤكد منظمات دولية أن هذه الكميات تبقى أدنى بكثير من حاجات السكان.
وعلى مدى الأسابيع الماضية، كانت المساعدات الانسانية تدخل حصرا عبر معبر رفح الحدودي مع مصر. وفي الآونة الأخيرة، أعلنت إسرائيل فتح معبر كرم أبو سالم بين أراضيها والقطاع بشكل "موقت". وتقوم الدولة العبرية بتفتيش كل المساعدات قبل أن تجيز إدخالها.
ويواجه نصف مليون شخص، أي قرابة ربع السكان، خطر الجوع بحسب تقرير صادر هذا الأسبوع عن برنامج أممي يرصد مستويات الجوع في العالم. وفي الأسابيع الستة المقبلة، قد يجد جميع سكان القطاع البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة، أنفسهم في الوضع نفسه.
- من مكان غير آمن لآخر -
الى ذلك، فإن تسعة فقط من مستشفيات غزة البالغ عددها 36 لا تزال تعمل جزئيا، وفق منظمة الصحة العالمية.
وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبرييسوس الجمعة عبر إكس "الجوع موجود، والمجاعة تقترب في غزة. السكان يتضورون جوعا ويبيعون أغراضهم مقابل الغذاء... الآباء يحرمون أنفسهم حتى يتمكن أطفالهم من تناول الطعام، وهو أمر كارثي على الحالة الصحية للسكان في كل أنحاء قطاع غزة".
ومع بداية الحرب، طلبت إسرائيل من سكان شمال غزة النزوح جنوبا بسبب القصف والعمليات العسكرية. الا أن الجيش يكرر الطلب من السكان النزوح كلما وسّع مدى عملياته في القطاع الذي لا تتجاوز مساحته 365 كلم مربعا.
وطلب الجيش الجمعة من سكان مخيم البريج وأحياء مجاورة "المغادرة فورا حفاظا على سلامتهم" باتجاه دير البلح.
وبحسب صور لفرانس برس الجمعة، حمل العديد من الغزيين ما تيسّر من حاجيات وفرش للنوم وأكياس، ونقلوها على متن عربات خشبية تجرّها حمير أو أخرى صغيرة من الحديد، في طريقهم من البريج الى دير البلح.
وكتب مدير شؤون وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) توم وايت على إكس "الناس في غزة بشر وليسوا قطعا على رقعة شطرنج -- وتم تهجير كثيرين منهم عدة مرات".
وأضاف "الجيش الإسرائيلي يأمر الناس بالانتقال إلى مناطق تشهد غارات جوية وليس هناك مكان آمن، ولا مكان يذهبون إليه". وبحسب الأونروا فإن أمر الإخلاء الأخير يشمل "أكثر من 150 ألف شخص".
- توترات إقليمية -
تتواصل جهود الوسطاء المصريين والقطريين لمحاولة التوصل إلى هدنة جديدة بين إسرائيل وحماس. وكانت هدنة أولى استمرت أسبوعا في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر أتاحت الإفراج عن 105 رهائن و240 أسيرا فلسطينيا وإدخال المزيد من المساعدات إلى القطاع.
لكن مواقف طرفي النزاع تبدو متباعدة: فحماس تطالب بوقف العمليات قبل أي مفاوضات بشأن الرهائن، في حين تبدي إسرائيل استعدادا للهدنة لكنها ترفض وقف النار قبل "القضاء" على الحركة.
وتثير الحرب توترات إقليمية وخشية من اتساع نطاق النزاع، خصوصا في البحر الأحمر حيث يشن المتمردون الحوثيون في اليمن هجمات على سفن يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل، أو على الحدود بين الدولة العبرية ولبنان حيث تتبادل إسرائيل وحزب الله القصف بشكل يومي.
وتدعم إيران، العدو الإقليمي اللدود لإسرائيل، الحوثيين وحزب الله.
واتهمت واشطن طهران الجمعة بالضلوع في الهجمات التي يشنها الحوثيون من اليمن "نصرة للشعب الفلسطيني".
والسبت، تعرّضت سفينة تجارية لهجوم بطائرة مسيّرة في المحيط الهندي ألحق بها أضرارا من دون سقوط ضحايا، وفق ما أفادت وكالتان بحريتان.
وأكدت وكالة عمليات التجارة البحرية البريطانية أن الهجوم أدى الى اندلاع حريق على متن السفينة وتم اخماده. بينما أشارت شركة أمبري للأمن البحري إلى أن السفينة ترفع علم ليبيريا لكنها "مرتبطة بإسرائيل".
ولم تعلن أي جهة بعد مسؤوليتها.
وفي جنوب لبنان، أعلن الجيش الإسرائيلي قصف أهداف تابعة لحزب الله.
AFP