هرب من سجون البعث ليموت برداً في العراء.. قصة جندي عراقي دفن غريباً مجهول الهوية

أربيل (كوردستان24)- فارق جندي عراقي الحياة بعد أن هرب من سجون البعث،  شهر شباط/فبراير عام 1994. 

وكان "فاروق"، وهو من قرية "پلكنە" التابعة لناحية قوشتبة في أربيل، من أوائل من نقلوا جثمان الجندي إلى قريتهم، حيث عثر عليه في العراء، وسط صمت الطبيعة، ليقضى أيامه الأخيرة جائعاً ومرهقاً مواجهاً البرد القارس في شتاء تلك المنطقة.

وقال فاروق: " كانت هناك امرأة تُدعى كةزي بان، زوجة المرحوم محمد، وهي متوفاة حالياً، أصرت على أن يُدفن الجندي وفق الطريقة الإسلامية، حيث جلبت بطانية، وبمساعدة ابنها، قامت بلف الجثة بها ودفنها في هذا المكان، وعندما وصلنا، اكتشفنا الجثمان قد دفن بالفعل، فطلبنا من بعض الأشخاص نقل الجثة إلى القرية باستخدام الحمير".

وأضاف: "نُقلت الجثة إلى مقبرة بلنكة، حيث قررنا استشارة الشيخ ملا صديق، الذي من جانبه، أثنى على ما قمنا به، ثم زودنا بكفن لغسل الجثة وتكفينها، بعد أداء الصلاة عليها، تم دفنها في المقبرة".

موقع الحادث يبعد حوالي خمسة كيلومترات عن القرية، دفن الجندي في مقبرة القرية، حيث شارك شيرزاد، وهو شاهد آخر من أهل القرية، في مراسم الدفن طبقاً للشريعة الإسلامية. وكان شيرزاد يزور قبر الجندي أسبوعياً كأحد أقاربه، وحاول مراراً العثور على عائلته، لكنه لم يفلح.

وبهذا الصدد قال شيرزاد، "كان هناك فوج عسكري قريب من المنطقة، ويقال إن الجندي هرب مع اخرين، لكن تم اعتقالهم عدا هذا الجندي الذي يبدو أنه اختبأ في هذا المكان، حيث توفي بسبب البرد، قبل حلول النهار، وفي أحد الأيام، جاء شخص يُدعى العم بيرداود، من مجمع كاوه، وهو معروف هناك، قال إن  أحد أقاربه سيذهب إلى الموصل لإجراء عملية، في الوقت الذي كان فيه صدام لا يزال في الحكم، وكان يأمل في العثور على عائلة الجندي".

وتابع: "كما جاء شخص آخر يُدعى العم عبيد وهو من قرية تربسيان وطلب مني أن أعطيه عنوان الجندي. بالإضافة إلى ذلك، حضر شخص ثالث، لكننا لم نتمكن من العثور على أي من أفراد عائلته. ولأنه كان غريباً عنا وتوفي في ليلة باردة، مليئة بالخوف والجوع، فإنني أعتبره كأخي وأشعر بالحزن الشديد على مصيره".

وعثر القرويون في جيوب الجندي على عدة وثائق لا تزال محفوظة حتى اليوم. تضمنت تلك الوثائق صوراً، أرقام هواتف، وكتابات شخصية تروي مشاعر الجندي في لحظاته الأخيرة.

ومن بين تلك الكتابات، كان هناك رسالة مؤلمة تعكس شوقه لوالدته، حيث كتب كطفل يطلب العودة إلى أحضانها. 

وتعد قصى هذا الجندي، مأساةً، يعيشها الآلاف في زمن الحروب، حيث تنتظرهم عوائلهم، دون أن يعلموا بأي أرض وعلى يد من قد دفنوا.

 وما زال سكان تلك المنطقة، ينتظرون ظهور أحد من عائلته، للتعرف عليه، علهم يعلمون مزيداً من التفاصيل حول هذا الجندي الغريب.

 
 
 
 
 

 

Fly Erbil Advertisment