تنزانيا.. بين مواردها الغنية وتحديات الفقر

كوردستان24 في قلب إفريقيا

أربيل (كوردستان 24)- تنزانيا، هذا البلد الأفريقي الغني بموارده الطبيعية، لا يزال يعاني من تحديات اقتصادية واجتماعية رغم ما يمتلكه من ثروات هائلة. فمن القهوة التي تصدَّر إلى مختلف أنحاء العالم، إلى مناجم الذهب والمعادن النفيسة، تبدو الصورة واعدة، لكن واقع الحال يكشف عن مفارقات كبيرة، حيث يعيش كثير من السكان تحت خط الفقر.

في هذا التقرير، نسلط الضوء على تنزانيا من زوايا متعددة: من الإصلاحات التي تقودها رئيسة البلاد سامية صولوحو، إلى الحياة اليومية للمواطنين الذين يكافحون من أجل لقمة العيش. كما نستعرض كيف أصبحت البلاد وجهةً جذابةً للمستثمرين والسياح، وفي الوقت ذاته، مرتعًا لاستغلال العمالة الرخيصة. رحلةٌ تأخذنا إلى قلب تنزانيا، حيث يمتزج الجمال الطبيعي بالمصاعب الاقتصادية، في صورة تعكس واقع العديد من الدول النامية.

تنزانيا، إحدى الدول النامية، تسير بخطى ثابتة نحو البناء والإعمار بفضل الإصلاحات التي تقودها الرئيسة سامية صولوحو منذ توليها منصبها عام 2021. هذه الدولة التي تمتلك ثروات طبيعية هائلة، لا تزال تعاني من انتشار الفقر، حيث يعتمد العديد من الفقراء على العمل اليدوي على ضفاف الأنهار لكسب قوتهم اليومي.

إصلاحات وتنمية بقيادة نسائية

سامية صولوحو، أول رئيسة لتنزانيا، تعد شخصية بارزة في القارة الأفريقية، وتحظى باحترام واسع بين أبناء شعبها. منذ توليها السلطة، اتخذت خطوات جادة في جذب الاستثمارات وتحسين البنية التحتية، وهو ما انعكس إيجابًا على الاقتصاد، لكنه لم يحد بشكل كبير من مستويات الفقر المرتفعة.

نقل جوي مكلف.. والقطارات خيار الفقراء

ورغم التطور الملحوظ، لا يزال قطاع النقل الجوي بعيدًا عن متناول معظم المواطنين، حيث يبلغ سعر التذكرة الداخلية نحو 150 دولارًا، في حين أن متوسط راتب الموظف هناك لا يتجاوز 200 دولار شهريًا. هذا ما يجعل القطارات والحافلات الوسيلة الأكثر استخدامًا بين السكان.

الإعلام والفساد.. تحديات المهنة

العمل الإعلامي في بعض الدول الأفريقية ليس بالأمر السهل، حيث يشكل الفساد عقبة رئيسية أمام الصحفيين، في وقت يتوافد فيه المستثمرون وأغنياء العالم إلى القارة، ليس فقط بهدف الاستثمار، ولكن أحيانًا لاستغلال الموارد والسكان المحليين.

السياحة.. قطاع واعد ومخاطر قائمة

تولي الحكومة التنزانية اهتمامًا خاصًا بالسياحة، وقدمت تسهيلات لجذب الزوار، بما في ذلك إنشاء وحدة شرطة متخصصة لحماية السياح من عمليات الاحتيال. لكن رغم هذه الجهود، لا تزال بعض الممارسات السلبية تشكل تحديًا أمام السياحة المستدامة.

أروشا.. مدينة الذهب والقهوة

وصل فريق كوردستان24 إلى مدينة أروشا، القريبة من الحدود مع أوغندا وكينيا ورواندا، والتي تعد مركزًا رئيسيًا لإنتاج القهوة. ورغم امتلاكها ثروات طبيعية هائلة، مثل الذهب والقهوة، إلا أن الفقر لا يزال حاضرًا بقوة في هذه المناطق.

زراعة القهوة.. جهد كبير وأجور متدنية

في إحدى مزارع القهوة، حيث يعمل نحو 400 شخص خلال موسم الحصاد، لاحظنا أن أغلب العاملين من السكان المحليين، بينما يتولى المهندسون الأجانب المهام التقنية. ورغم أن القهوة التنزانية تُعد من الأفضل عالميًا، إلا أن العاملين في هذا المجال يتقاضون أجورًا زهيدة لا تتناسب مع جهودهم.

تتطلب زراعة القهوة وقتًا وجهدًا كبيرين، حيث تستغرق الشتلات ثلاث سنوات قبل أن تصبح جاهزة للإنتاج. وبعد عملية القطف، تمر القهوة بمراحل متعددة، من التجفيف تحت أشعة الشمس، إلى التحميص، لتتحول في النهاية إلى مشروب يحظى بشعبية واسعة حول العالم.

الثروة بيد القلة

المال هو القوة الحقيقية في هذه المناطق، فمن يمتلك الثروة يفرض سيطرته على الاقتصاد المحلي. أحد كبار مُصدّري القهوة في أروشا كان يملك نفوذًا هائلًا، حيث صدّر منتجاته إلى دول أوروبية كفرنسا وألمانيا وإيطاليا، ليصبح من كبار ملاك الأراضي في المدينة.

تنزانيا، بجمال طبيعتها وثرواتها المتنوعة، تظل نموذجًا لدولة غنية بالموارد لكنها لا تزال تواجه تحديات التنمية والعدالة الاقتصادية، حيث يبقى الفقر واقعًا رغم الإمكانيات الهائلة التي تمتلكها البلاد.

ترجمة احمد عبدالرزاق