انتفاضة آذار 1991.. ملحمة نضالية غيّرت تاريخ كوردستان العراق

أربيل (كوردستان24)- يُعد شهر آذار محطة تاريخية غنية بالأحداث والذكريات النضالية للشعب الكوردي، حيث يرتبط بمسيرة التحرر والمقاومة ضد الظلم. وتكتسب الفترة الممتدة بين 5 و21 آذار من كل عام خصوصية مقدسة لدى سكان اقليم كوردستان العراق، إذ شهدت خلالها انتفاضتهم المجيدة عام 1991 ضد نظام مارس طيلة سنوات حكمه أقسى أشكال القمع والاستبداد بحق الشعب الكوردي.
قبل اندلاع الانتفاضة، عزز تحالف الأحزاب الكوردية ضمن جبهة كردستان الروح النضالية لدى الشعب، مما مكّنهم خلال فترة وجيزة من تحرير جميع مدن وبلدات جنوب كوردستان. وكانت مدينة رانية أولى المدن التي انطلقت منها الشرارة الأولى في 5 آذار 1991، حيث تمكن الأهالي، بدعم من قوات البيشمركة، من تحرير المدينة وضواحيها والسيطرة على جميع مؤسسات النظام البعثي وثكناته العسكرية، لتنطلق بعدها شرارة الثورة إلى باقي مدن ومناطق كوردستان.
لعب الرئيس مسعود بارزاني، الذي استشرف معالم التغيير منذ عام 1988، دورًا محوريًا إلى جانب القادة السياسيين في جبهة كوردستان، حيث شارك البيشمركة الأوفياء في تحرير المدن والبلدات، وقاد بارزاني بنفسه محور القتال في معركة كوريش، ما أجبر النظام البعثي في النهاية على طلب التفاوض مع جبهة كوردستان.
انطلقت الانتفاضة من رانية واستمرت حتى تحرير كركوك في 21 آذار 1991، حيث أُضيئت أول شعلة لنوروز في المدينة بحرية، مُعلنة سقوط الحكم الديكتاتوري البعثي في جميع مناطق جنوب كردستان، واستنشاق أولى نسمات الحرية.
لم تكن الانتفاضة مجرد حدث عابر، بل مثلت تحولًا تاريخيًا في نضال الكرد ضد الظلم، ورفضًا لممارسات الإبادة كحملات الأنفال والقصف الكيميائي والتهجير والتعريب. وقد أدى تضافر العوامل الداخلية والدولية عام 1991 إلى إشعال شرارة الثورة، والتي أفضت إلى تحقيق إنجاز تاريخي تمثل في تأسيس إقليم كوردستان بمؤسساته الدستورية والشرعية، ليصبح كيانًا سياسيًا معترفًا به يعكس إرادة شعبه في الحرية والاستقلال.