ترامب يفرض رسوما جمركية متبادلة على واردات بلاده من دول العالم

أربيل (كوردستان24)- وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأربعاء أمرا تنفيذيا فرض بموجبه "رسوما جمركية متبادلة" على واردات بلاده من "كل دول العالم" لكن بنسب متفاوتة، في خطوة لاقت تنديدا من شركاء واشنطن وخصومها في آن واحد وتحذيرا من مخاطرها الجسيمة على الاقتصاد العالمي.
دخلت الرسوم الجمركية الأميركية على السيارات المستوردة إلى الولايات حيز التنفيذ الخميس، ما من شأنه تأجيج التوترات التجارية مع شركاء رئيسيين للبلاد وسط مخاوف متزايدة من ارتفاع أسعار المستهلك.
واعتبارا من الخميس الساعة 04,01 بتوقيت غرينتش، بدأت السيارات المصنعة خارج الولايات المتحدة تخضع لرسوم إضافية نسبتها 25 %.
وفي ما وصفه بـ"يوم التحرير"، قال ترامب في خطاب ألقاه في حديقة البيت الأبيض إنّ "الأمر التنفيذي التاريخي" الذي وقّعه "يفرض رسوما جمركية متبادلة على (الواردات من) دول العالم".
وأضاف أنّ "الرسوم المتبادلة تعني: ما يفعلونه بنا نفعله بهم. هذا أمر سهل جدا. لا يمكن أن يكون أسهل من ذلك"، متابعا "هذا، في رأيي، أحد أهم الأيام في التاريخ الأميركي".
وفرض ترامب رسوما نسبتها 34 في المئة على واردات بلاده من الصين و20 % من الاتحاد الأوروبي، وهما من أبرز الشركاء التجاريين للولايات المتحدة.
وأضاف أن حدّا أدنى للرسوم الجمركية نسبته 10 % سيفرض على سائر دول العالم، في حين أن بلدانا أخرى ستُفرض عليها رسوم باهظة، تبلغ على سبيل المثال 31 % لسويسرا، و24 % لليابان و26 % للهند.
وأعلن الرئيس الجمهوري في خطابه المطوّل أنّ قراره هذا إنما هو بمثابة "إعلان استقلال اقتصادي" للولايات المتحدة و"يوم تحرير" لها.
وشنّ الملياردير الجمهوري هجوما عنيفا على سائر شركاء بلاده التجاريين، معتبرا أنّهم استغلوها اقتصاديا على مدى عقود طويلة عبر فرض رسوم جمركية باهظة على صادراتها إليهم.
ويخشى أن تكون للرسوم الجديدة وطأة هائلة على الاقتصاد العالمي. ففي العام 2024 استوردت الولايات المتحدة حوالى 3300 مليار دولار من البضائع.
وبحسب مسؤول في البيت الأبيض فإنّ الرسوم الجديدة ستدخل حيّز التنفيذ على مرحلتين كالآتي: في 5 نيسان/أبريل للتعرفات البالغة نسبتها 10 %، وفي 9 نيسان/أبريل لتلك التي تزيد عن هذا الحدّ.
وما إن وقّع ترامب أمره التنفيذي حتى انقلبت أحوال أسواق المال وتراجع سعر الدولار أمام العملات الرئيسة وارتفع سعر الذهب إلى مستوى قياسي.
وتهاوت البورصات الآسيوية عند الافتتاح صباح الخميس لما لقرار ترامب من تأثير كبير على اقتصادات دولها التي تعتمد بشدّة على التصدير.
واستهدف ترامب الصين بإجراء ثان الأربعاء إذ وقّع أمرا تنفيذيا ألغى بموجبه الإعفاء الجمركي الممنوح للطرود الصغيرة المرسلة من الصين، وهي آلية سمحت لشركتي التجارة الإلكترونية الصينيتين "شين" و"تيمو" بالتوسّع في الولايات المتحدة.
وحتى صدور هذا الأمر التنفيذي كانت كل الطرود الصغيرة المرسلة من الصين إلى الولايات المتحدة والتي لا تزيد قيمة محتوياتها عن 800 دولار معفية من الرسوم الجمركية.
وكانت رئيسة المصرف المركزي الأوروبي كريستين لاغارد استبقت رسوم ترامب بقولها لإذاعة إيرلندية الأربعاء إن ما سيعلنه الرئيس الأميركي "لن يكون في مصلحة الاقتصاد العالمي، لن يكون في مصلحة أولئك الذين يفرضون الرسوم الجمركية ولا أولئك الذين يردّون عليها. هذا سيُلحِق اضطرابا بعالم التجارة كما نعرفه".
قلق عالمي
وحاول شركاء الولايات المتحدة الاستعداد للصدمة باعتماد خطاب حازم وفي الوقت نفسه إبداء استعداد للحوار واتخاذ مبادرات تهدئة.
وأبقت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين الخميس الباب مفتوحا أمام المفاوضات مع الإدارة الأميركية بشأن الرسوم الجمركية معتبرة أنه من الممكن إيجاد حل تفاوضي ومؤكدة في الوقت نفسه أن الأوروبيين "مستعدون للرد".
وبعد فترة وجيزة، قالت الناطقة باسم الحكومة الفرنسية صوفي بريماس الخميس إن الاتحاد الأوروبي يعتزم في رده على الرسوم الجمركية التي أعلنها دونالد ترامب "استهداف الخدمات الرقمية".
واعتبرت تايبيه أن الرسوم الجمركية المفروضة على تايوان "غير معقولة" وقالت إن الحكومة تخطط لإجراء "مفاوضات جادة" مع واشنطن.
وحذّرت اليابان الخميس من أنّ الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها ترامب قد تنتهك قواعد منظمة التجارة العالمية والمعاهدة التجارية المبرمة بين البلدين.
من جهتها، أعلنت رئيسة الوزراء التايلاندية بايتونغتارن شيناواترا أنّ بلادها لديها "خطة قوية" للتعامل مع الرسوم الجمركية التي فرضت على صادراتها إلى الولايات المتّحدة، مؤكدة أنّ بانكوك تأمل بأن تنجح عبر التفاوض في خفض هذه التعرفات الباهظة البالغة نسبتها 36 %.
كذلك، سيجتمع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الخميس مع ممثلي القطاعات الفرنسية "المتأثرة بالرسوم الجمركية" التي أعلنها ترامب.
سياسيا، لا يستطيع ترامب أن يتراجع تماما عن فرض الرسوم الجمركية التي وصفها بأنها "أجمل كلمة في القاموس"، بعدما روّج لها على أنها عصا سحرية قادرة على النهوض مجددا بالصناعة الأميركية وإعادة التوازن إلى الميزان التجاري وسد العجز في الميزانية.
وترامب المعجب بالنهج الحمائي المطبق في الولايات المتحدة في أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، يقلل من المخاوف بشأن مخاطر التضخم وانهيار البورصات، وهو الذي انتُخِب بناءً على وعد بخفض كلفة المعيشة على الأميركيين.
وتحدث محللون في غولدمان ساكس في مذكرة عن المخاطر الاقتصادية المرتبطة بمجموعة واسعة من الرسوم الجمركية سيكون لها التاثير السلبي ذاته مثل زيادة في الضرائب، على الاستهلاك والقدرة الشرائية.
وعمد ترامب منذ عودته إلى البيت الأبيض في مطلع العام إلى زيادة الرسوم الجمركية على المنتجات الصينية وقسم كبير من البضائع الآتية من المكسيك وكندا المجاورتين، وعلى كل واردات الصلب والألمنيوم التي تدخل الولايات المتحدة.
وخفضت الحكومة المكسيكية منذ الثلاثاء توقعاتها للنمو عام 2025، مشيرة إلى غموض على ارتباط بـ"التوترات التجارية" مع شريكها الاقتصادي الأول الأميركي، وبات الناتج المحلي الإجمالي المكسيكي المرتقب يتراوح بين 1,5 % و2,3 %، مقابل 2 % إلى 3 % سابقا.