بالحجر والجص.. ترميم منزل (مەلا گەورە) في كويسنجق لتحويله إلى متحف تاريخي

أربيل (كوردستان24)- في أزقة حي "بايزاغا" القديم بمدينة كويسنجق، حيث عبق التاريخ يفوح من كل زاوية، بدأت مديرية آثار كويسنجق مشروعاً طموحاً لترميم وتجديد المنزل التاريخي لرجل الدين المعروف بـ"الملا الكبير" (مەلا گەورە)، أحد أبرز الشخصيات المؤثرة في تاريخ قضاء كويسنجق وكوردستان، بهدف تحويله إلى متحف يروي قصة المدينة وشخصياتها.
كان هذا الحي، الذي عُرف أيضاً باسم "حي موسكو"، في الماضي مركزاً حيوياً للكتاب والشعراء والمثقفين والفنانين، وكان منزل الملا الكبير(مەلا گەورە), منارة للعلم واللقاءات الفكرية والاجتماعية. ومع مرور الزمن، تعرض المنزل للإهمال وأصبح مهدداً بالانهيار، مما دفع دائرة الآثار للتدخل لإنقاذ هذا الصرح التراثي. 

ترميم على الطراز الأصيل
تجري أعمال الترميم بدقة للحفاظ على الطابع المعماري الأصيل للمنزل. ويشرف على المشروع فريق من الخبراء والبنائين المهرة الذين يستخدمون المواد التقليدية نفسها التي بُني بها المنزل قبل قرون، كالحجر والجص.
هيمن نعمان، أختصاصي الآثار والمشرف على المشروع، أوضح لـ كوردستان 24 أن الهدف هو إعادة المنزل إلى حالته الأصلية قدر الإمكان. وقال: "واجهنا تحديات بسبب بعض التغييرات التي طرأت على المنزل على مر السنين، لكننا نسعى من خلال خطة الترميم إلى إعادته بنسبة 90 إلى 95% إلى تصميمه وشكله الأصلي الذي بني عليه في المرة الأولى".
بدوره، أكد غفور، وهو بنّاء بخبرة تمتد لأربعين عاماً في هذا النمط المعماري، أن الأساليب التقليدية في البناء تضمن متانة وقوة تفوق الأساليب الحديثة. وأضاف: "هذا النوع من الجدران المصنوعة من الحجر والجص أقوى بثلاثة أضعاف من الجدران الحديثة المبنية بالبلوك والإسمنت، فهي تتحمل الظروف المناخية بشكل أفضل".

منزل تاريخي يتحول إلى متحف
يتألف المنزل من طابقين؛ كان الطابق السفلي مخصصاً للملا الكبير نفسه، بينما كان الطابق العلوي منزلاً لصهره مسعود محمد. وبعد جهود من مديرية الآثار، قامت عائلة الملا الكبير بإهداء المنزل ليتحول إلى معلم ثقافي مفتوح للجميع.

يكيتي واجد، من مديرية آثار كويسنجق، كشف عن الخطط المستقبلية للمنزل قائلاً: "بعد تواصلنا مع أحفاد الملا الكبير وعائلة صهره مسعود محمد، قاموا مشكورين بإهداء المنزل للمديرية. خطتنا هي تحويله إلى متحف لاستقبال الزوار من داخل وخارج كويسنجق، وسيتم عرض المقتنيات والمستلزمات التي كانت تستخدمها العائلة في الماضي".
وبهذا، لا يقتصر المشروع على إنقاذ مبنى تاريخي من الانهيار فحسب، بل يهدف إلى إحياء ذاكرة مدينة بأكملها، والحفاظ على إرث شخصيات لعبت دوراً محورياً في تشكيل تاريخها الديني، والسياسي، والاجتماعي. 


تقرير : آراس أمين – كوردستان24 - كويسنجق

 
Fly Erbil Advertisment