الجفاف يلتهم بساتين هورامان المعمرة.. أنهار جفت ومصادر الرزق في خطر

أربيل (كوردستان 24)- يقف محمد نوري أحمدي، وهو معلم متقاعد قضى أربعين عامًا من عمره في قرية "غراو" بمنطقة هورامان، وسط ما كان يومًا جنة خضراء.
يشير بيديه إلى الأشجار التي بدأت أوراقها بالاصفرار والجفاف قائلاً لكوردستان24، بحسرة: "هذه البساتين التي ترونها هي من أقدم بساتين منطقة هورامان، لكن للأسف، بسبب الجفاف لم تبق هذه الأشجار القديمة على حالها، لقد جف معظمها".
في قلب منطقة هورامان ذات الطبيعة الخلابة، يلقي شبح الجفاف بظلاله القاتمة، مهددًا بساتين يعود عمرها لمئات السنين، ومحولاً الأنهار الجارية إلى مجارٍ صخرية صامتة، ليضع بذلك سبل عيش أجيال من المزارعين على المحك.

أنهار تجف ومصادر مياه تتلاشى
الأزمة تتعمق مع جفاف المصادر المائية الحيوية. نهر "غراو"، الذي كان يومًا شريان الحياة للقرية وينبع من منطقة "شمشير" ليصب في النهاية بنهر ديالى، قد جف تمامًا. يوضح أحمدي: "كان هذا النهر مليئًا بالمياه، ولكن الآن لا يوجد فيه ماء. كنا نعتمد عليه لسقاية هذه الأشجار".
ويضيف أن الوضع لا يقتصر على النهر الرئيسي وحده، بل يمتد إلى الينابيع والجداول الصغيرة التي كانت تغذي المنطقة. يقول: "كان لدينا ما يقرب من سبعة جداول مياه، أما الآن فلم يبق منها سوى نصف جدول، وهذا النصف لا يكفي لري جميع هذه البساتين".

محاصيل تاريخية في مهب الريح
لم يكن تأثير الجفاف مقتصرًا على المناظر الطبيعية، بل امتد ليضرب العمود الفقري للاقتصاد المحلي: الزراعة. محاصيل التين والجوز والسفرجل، التي اشتهرت بها المنطقة وكانت مصدر رزق أساسيًا للأهالي، تضررت بشكل كارثي.
يستذكر أحمدي أيام الرخاء قائلاً: "كان لدينا تين مشهور لدرجة أن ثلاث إلى أربع شاحنات كانت تأتي يوميًا لتحميله وتصديره إلى مدن مثل باوة وجوانرو وكرمنشاه".
ويقارن ذلك بالواقع المرير الحالي: "هذا العام، بسبب الجفاف، لم نرَ حبة فاكهة واحدة على الأشجار. كل شيء جاف".

مستقبل غامض ونداء لإنقاذ ما تبقى
يمثل الجفاف في هورامان أزمة مزدوجة؛ فهو لا يهدد فقط البيئة الطبيعية الفريدة للمنطقة، بل يهدد أيضًا بقاء مجتمعات بأكملها تعتمد على الأرض التي ورثتها عن أجدادها.
يختتم محمد نوري أحمدي حديثه بنظرة قلقة إلى السماء، ملخصًا حال الكثيرين من أبناء قريته: "كانت حياتنا تعتمد على هذه الأشجار وهذا النهر، ولكن الآن جف النهر ولم تعد لنا حياة. لا نأمل إلا في رحمة الله تعالى".



