"دير بعلبة" في حمص: حي الأشباح الذي تركه النظام أطلالاً

أربيل (كوردستان 24)- على امتداد البصر، لا شيء سوى الركام والدمار. هذا هو المشهد المأساوي في حي "دير بعلبة" بمدينة حمص، الذي كان يومًا ما ينبض بالحياة، ليتحول اليوم إلى مدينة أشباح صامتة، تروي أنقاضها قصة حرب طاحنة وإهمال مستمر.

تجاوزت نسبة الدمار في الحي 80%، حيث سُويت أحياء بأكملها بالأرض، وتحولت الشوارع إلى مسارات وعرة بين أكوام الحطام والحديد الملتوي. البنية التحتية شبه معدومة تمامًا؛ فلا مياه صالحة للشرب، ولا كهرباء، ولا شبكات صرف صحي، مما يجعل حياة السكان القلائل الذين عادوا إلى ما تبقى من منازلهم، أو بنوا غرفًا بسيطة فوق الأنقاض، معاناة يومية لا تطاق.

القطاعان الصحي والتعليمي منهاران بالكامل، فلا وجود لمستشفيات أو مدارس، مما يضطر الأهالي إلى قطع مسافات طويلة للحصول على أبسط الخدمات الأساسية.

أصوات من تحت الركام

في حديثه مع مراسل كوردستان24، يسترجع أحد السكان المسنين بمرارة ذكريات الماضي، قائلاً: "كان حي دير بعلبة من أنشط أحياء حمص، يعمل ليلًا ونهارًا، وكان مليئًا بالشباب والحياة. أما الآن، فالحال واقف والحي مدمر بالكامل وصاير على الأرض. هناك أناس يريدون العودة لكنهم لا يجدون بيوتهم، كلها تحولت إلى أنقاض".

ويضيف الرجل، مشيراً إلى انعدام الخدمات: "لا ماء، لا كهرباء، ولا صرف صحي. المنطقة بحاجة إلى تجريف وتنظيف بالكامل لتعود صالحة للعيش".

أما أحد الشباب، الذي عاد ليسكن وسط الدمار، فيلخص حجم المأساة الديموغرافية والخدمية: "كان يقطن الحي حوالي 100 ألف نسمة، واليوم لم يبق منهم حتى 10 آلاف. كما ترى بعينك، الأحياء مدمرة بالكامل ولا تصلح للسكن. خدمات المياه سيئة، والكهرباء سيئة، كل شيء سيء. أين المحافظ؟ لماذا لا يأتي ليرى هذا الوضع؟".

ويوضح مطالبه البسيطة والمحقة: "كل ما نطلبه هو الماء والكهرباء وإزالة هذه الأنقاض. عندما يهب الهواء، تمتلئ بيوتنا بالغبار. لا نستطيع حتى فتح النوافذ.

شاهد على الإهمال

يختتم المراسل تقريره من قلب الدمار، مؤكدًا أن ما بقي في هذا المكان هو شاهد حي على حجم الإجرام الذي تعرض له الحي على يد ميليشيات النظام خلال سنوات الحرب.

يبقى سكان دير بعلبة عالقين بين ماضٍ دُمر ومستقبل غامض، يطالبون بأبسط حقوقهم في الحياة الكريمة، على أمل أن تصل أصواتهم إلى من يعنيه الأمر قبل أن يطوي النسيان قصتهم المأساوية.

 

تقرير: أنور عبداللطيف – سوريا

 
Fly Erbil Advertisment