فيتو أميركي جديد في مجلس الأمن الدولي ضد مشروع قرار بشأن غزة

أربيل (كوردستان24)- عرقلت الولايات المتحدة مجددا الخميس تبني مجلس الأمن الدولي نصا يدعو إلى وقف إطلاق النار في عزة وإتاحة وصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر والمدمّر، في خطوة أثارت حفيظة الدول الأعضاء التي تحاول التحرّك في مواجهة الحرب المستمرّة منذ 23 شهرا.
وقال السفير الباكستاني عاصم إفتخار أحمد إنها "لحظة قاتمة" لهذا المجلس، وتابع "العالم يتفرج. كان يجب أن يفطر قلوبنا بكاء الأطفال، كان يجب أن يهز ضمائرنا قلق الأمهات"، متعهدا "مواصلة العمل".
وقال مندوب الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة السفير عمار بن جامع متوجّها إلى سكان غزة "سامحونا لأن هذا المجلس لم يستطع إنقاذ أطفالكم".
وأضاف "العالم يتحدث عن الحقوق وينادي بها ويحرمكم أنتم منها أيها الفلسطينيون والفلسطينيات".
ويبدي أعضاء المجلس بغالبيتهم على نحو متزايد استياء حيال عجز الهيئة عن الضغط على إسرائيل لوضع حد لمعاناة سكان غزة.
في نهاية آب/أغسطس، أطلق الأعضاء المنتخبون (العشرة غير الدائمين) في مجلس الأمن مناقشات بشأن مشروع القرار، ردا على إعلان الأمم المتحدة رسميا المجاعة في غزة.
ودعت نسخة أولى من النص إلى الإزالة الفورية لجميع العوائق أمام إدخال المساعدات. لكن مصادر دبلوماسية أفادت بأنّ فرنسا والمملكة المتحدة أظهرتا تشكيكا في جدوى قرار إنساني بحت صادر عن هيئة مصمَّمة للحفاظ على السلام والأمن العالميين، وهو ما يمكن للولايات المتحدة عرقلته بكل الأحوال.
أيّدت النص 14 من الدول الـ15 الأعضاء في المجلس، فيما استخدمت الولايات المتحدة العضو الدائم فيه حق النقض.
ودعا النص إلى رفع القيود المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية، وإلى "وقف فوري وغير مشروط ودائم لإطلاق النار في غزة"، إضافة إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن الرهائن.
ومن أصل 251 شخصا اختُطفوا خلال هجوم غير مسبوق نفذته حركة حماس على إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، لا يزال 47 محتجزين في غزة، من بينهم 25 قضوا، وفقا للجيش الإسرائيلي.
وسبق للولايات المتحدة أن رفضت مشاريع قرارات مشابهة طُرحت للتصويت في مجلس الأمن، وكان آخرها في حزيران/يونيو عندما استخدمت حق النقض لحماية حليفتها إسرائيل.
وقالت المبعوثة الأميركية مورغان ارتاغوس قبل التصويت "ترفض الولايات المتحدة هذا القرار غير المقبول... تواصل الولايات المتحدة العمل مع شركائها على إنهاء هذا النزاع المروع"، مشددة على وجوب أن تفرج حماس عن الرهائن "وأن تستسلم فورا".
غضب وإحباط
وأثارت الاستخدامات الأميركية للفيتو تساؤلات حول جدوى المحاولة مجددا.
قبل التصويت أوضحت الدبلوماسية الدنماركية كريستينا ماركوس لاسن إن هدف المحاولة المتجددة توجيه "رسالة مفادها أن مجلس الأمن لا يتخلى عن مدنيين يموتون من الجوع أو عن الرهائن أو عن المطالبة بوقف إطلاق النار".
وتابعت "هناك جيل قد نفقده، ليس فقط بسبب الحرب ولكن أيضا بسبب الجوع واليأس (...) هذا هو الوضع الإنساني الكارثي، هذا هو الإخفاق الإنساني والبشري الذي أجبرنا على التحرك اليوم".
وكان الفيتو السابق أثار غضب الأعضاء الآخرين في مجلس الأمن والذين يعربون بشكل متزايد عن إحباطهم إزاء الفشل في الضغط على إسرائيل لإنهاء محنة سكان قطاع غزة.
من جهته، قال السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون الخميس "إن القرارات ضد إسرائيل لن تُحرر الرهائن ولن تضمن الأمن في المنطقة".
أضاف "ستواصل إسرائيل محاربة حماس وحماية مواطنيها، حتى لو كان مجلس الأمن يفضل غضّ الطرف عن الإرهاب".
وتواجه الدولة العبرية ضغوطا دولية لوقف الحرب التي اندلعت عقب هجوم حركة حماس على أراضيها في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وأسفر الهجوم عن مقتل 1219 شخصا على الجانب الإسرائيلي، معظمهم من المدنيين، وفق تعداد لوكالة فرانس برس استنادا إلى بيانات إسرائيلية رسمية.
وقُتل أكثر من 65 ألف فلسطيني، معظمهم من المدنيين، في قطاع غزة جراء الحملة العسكرية العنيفة التي باشرها الجيش الإسرائيلي عقب الهجوم، وفق أرقام وزارة الصحة التابعة لحماس، والتي تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.
كذلك، نزحت الغالبية العظمى من سكان القطاع الفلسطيني البالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة والذين حاصرتهم إسرائيل منذ بداية الحرب. ولم تصل المساعدات الإنسانية إلا بشكل محدود إلى القطاع، فيما خُفِّف نسبيا منذ نهاية أيار/مايو الحصار الذي شددته إسرائيل في أوائل آذار/مارس 2025.
وأكد خبراء شركاء للأمم المتحدة في آب/أغسطس حدوث مجاعة في جزء من القطاع، لكن إسرائيل تنفي ذلك وتتهم حماس بنهب المساعدات.
إلى ذلك، اتهمت لجنة تابعة للأمم المتحدة إسرائيل بارتكاب "إبادة جماعية" في غزة، في تقرير وصفته إسرائيل بأنه "متحيز ومضلل". وفي عام 2024، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف في حق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.