شباب عراقيون في صفوف الجيشين الروسي والأوكراني.. الفقر يدفعهم إلى جبهات الحرب

أربيل (كوردستان 24)- فيما تشتعل الحرب بين روسيا وأوكرانيا منذ أكثر من عامين، تتصاعد ظاهرة انضمام الشباب العراقيين إلى صفوف القتال في كلا الجانبين، بعضهم إلى الجيش الروسي وآخرون إلى القوات الأوكرانية، في مشهد يعكس عمق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها العراق.

"نار حرب روسيا وأوكرانيا تزداد اشتعالاً بدماء الشباب العراقيين". بهذه العبارة يلخص أحد المتابعين للملف واقعاً مؤلماً، إذ قطع عدد من شباب المحافظات العراقية أكثر من 2500 كيلومتر بالطائرة ليصلوا إلى خطوط المواجهة الأمامية في روسيا، حيث يقاتلون ضمن وحدات مختلفة، أبرزها وحدات الطائرات المسيرة.

"الحرب الآن هي حرب الطائرات المسيرة"

يقول شاب عراقي يخدم في صفوف الجيش الروسي: "روسيا لم تُجبر أحداً على القدوم إلى هنا، نحن جئنا بإرادتنا الحرة، من أجل المال والسكن والجنسية. روسيا تساعدنا. الوضع الاقتصادي في العراق سيئ جداً، وهذا هو السبب الرئيسي لانضمام الشباب إلى صفوف الجيش. الشاب في العراق لا يستطيع حتى شراء علبة سجائر.

ويضيف بالقول : أنا أخدم في وحدة الطائرات المسيرة الانتحارية، وكنت سابقاً في خطوط المواجهة الأمامية، هناك ترى أشياء خطيرة حقاً.

الشاب الذي يُدعى عباس يقول إنه أول من ذهب من العراق إلى روسيا للقتال، وخدم هناك لمدة عام، وهو اليوم يردّ ليلاً عبر بث مباشر على تطبيق تيك توك على أسئلة الشباب الراغبين بالالتحاق بالجيش الروسي.

طريق محفوف بالمخاطر

من خلال شهادات حصلت عليها كوردستان24، يتبيّن أن الشباب العراقيين يسافرون إلى روسيا تحت غطاء الدراسة أو السياحة، فيحصلون على تأشيرات سياحية، وعند وصولهم إلى مطارات موسكو يُنقلون عبر أشخاص محددين إلى مراكز تسجيل الخدمة العسكرية.

هناك يخضعون لفحوصات أمنية وطبية دقيقة للتأكد من خلوهم من الأمراض المزمنة مثل السكري وضغط الدم والإيدز، ثم يبدؤون تدريباً عسكرياً سريعاً.

بعد ذلك يوقّعون عقداً لمدة عام، يحصلون بموجبه على الإقامة وراتب شهري يصل إلى 2100 دولار.

تؤكد المصادر أن عدد العراقيين الذين غادروا إلى روسيا وأوكرانيا يتجاوز خمسة آلاف شخص، جميعهم سافروا بطريقة قانونية عبر مطار بغداد.

وتضيف أن "الوضع في العراق خطير، وعدد الشباب المغادرين يزداد يوماً بعد يوم، حتى وصل الأمر إلى أن بعض النساء أيضاً يرغبن في السفر إلى روسيا بالطريقة ذاتها".

شباب عراقيون يقاتلون إلى جانب أوكرانيا

وفي المقابل، يختلف الوضع بالنسبة إلى الشباب العراقيين المنضمين إلى صفوف الجيش الأوكراني.

إذ كشف أحد المصادر أن "بعض العراقيين يقاتلون ضمن كتيبة آزوف الأوكرانية، على خطوط المواجهة ضد روسيا، ويتقاضون رواتب شهرية تصل إلى 10 آلاف دولار، إضافة إلى مكافآت عن كل عملية ناجحة، ترتفع قيمتها كلما كانت الجبهة أكثر خطراً وصعوبة".

الخارجية العراقية: لا نملك وسائل لمنعهم

الحكومة العراقية على علم بهذه الظاهرة، إلا أنها لا تملك الوسائل القانونية لوقفها أو السيطرة عليها، بحسب ما يؤكد هشام العلوي، مساعد وزير الخارجية العراقية.

وقال العلوي في تصريح لـ كوردستان24: "السفارة العراقية في موسكو أصدرت قبل بضعة أسابيع بياناً بهذا الشأن، حذّرت فيه الشباب العراقيين من الذهاب إلى صفوف الجيش، ومن التواصل مع مجموعات من الأشخاص داخل روسيا.

بعض الشباب استجابوا وعادوا إلى البلاد، لكن للأسف، واجه عدد منهم مشكلات كبيرة داخل روسيا.

ويضيف العلوي أن "عدداً كبيراً من الشباب العراقيين فقدوا حياتهم في جبهات القتال في روسيا وأوكرانيا، ودُفنوا هناك، إذ لا توجد أي وسيلة لإعادة جثامينهم إلى العراق".

تأشيرات سهلة وسفر أسبوعي

ويشير العلوي إلى أن روسيا تمنح نوعين من التأشيرات للعراقيين:

تأشيرة الدراسة والعمل، وتبلغ كلفتها 500 دولار لكنها تستغرق وقتاً طويلاً في المعاملة.

التأشيرة السريعة، وتبلغ كلفتها 859 دولاراً وتُستكمل خلال أسبوع واحد فقط.

كما تُسيّر رحلتان جويتان أسبوعياً بين بغداد وموسكو، يومي السبت والثلاثاء، ما يجعل عملية السفر ميسّرة لمن يرغب بالذهاب.

ظاهرة تتجاوز العراق

ولا يقتصر الأمر على العراق وحده، إذ شهدت دول أخرى في الشرق الأوسط تعاني من أزمات اقتصادية مشابهة، توجّه عدد من شبابها إلى روسيا للانضمام إلى صفوف الجيشين الروسي والأوكراني.

ففي ظل تفاقم الفقر والبطالة، يبحث الشباب عن أي وسيلة للخروج من بلدانهم، حتى لو كانت وجهتهم إلى بلدين متحاربين، ليجدوا أنفسهم في نهاية المطاف يحملون السلاح كلٌّ ضد الآخر.

 

تقرير: ديلان بارزان - كوردستان24 - بغداد

 
Fly Erbil Advertisment