الاكتئاب والإرهاق والعنف.. أزمةٌ صامتة تهدّد العاملين في القطاع الصحي الأوروبي

أربيل (كوردستان 24)- كشف مسح منظمة الصحة العالمية/أوروبا عن تدهور الصحة النفسية بين العاملين الصحيين، حيث يعاني ثلث الأطباء والممرضين من الاكتئاب و10% يفكرون بالانتحار.
ويحذر التقرير من أن استمرار الوضع قد يؤدي إلى فقدان نحو مليون عامل صحي بحلول 2030.
كشفت نتائج المسح حول الصحة النفسية للأطباء والممرضين الصادر عن منظمة الصحة العالمية/أوروبا بمناسبة اليوم العالمي للصحة النفسية في 10 أكتوبر 2025، عن وضع صحي نفسي متدهور بين العاملين في القطاع الصحي الأوروبي.
ويُعد هذا المسح الأكبر من نوعه، إذ شمل تحليل أكثر من 90 ألف إجابة من جميع دول الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى أيسلندا والنرويج.
الضغط النفسي والجسدي في بيئة العمل
أظهرت النتائج أن واحدًا من كل ثلاثة أطباء وممرضين تعرض للتنمر أو التهديد بالعنف، في حين تعرض 10% منهم للعنف الجسدي أو التحرش الجنسي خلال العام الماضي.
ويعمل حوالي 25% من الأطباء أكثر من 50 ساعة أسبوعيًا، بينما يعمل نحو ثلث الأطباء وربع الممرضين بعقود مؤقتة، ما يضاعف القلق المرتبط بالأمن الوظيفي.
وأشار واحد من كل عشرة أطباء وممرضين إلى أنهم راودتهم خلال الأسبوعين الأخيرين أفكار من قبيل "تمنّي الموت" أو "إيذاء النفس"، وهي ما يُعرف علميًا بـ"الأفكار الانتحارية السلبية"، التي تُعد مؤشرًا مبكرًا لاحتمال تطور سلوك انتحاري مستقبلاً.
وتوضح البيانات أن بيئة العمل غير الآمنة وارتفاع ساعات العمل والاعتماد على النوبات الليلية مرتبطة بشكل مباشر بزيادة معدلات الاكتئاب والقلق، وتبيّن أن معدل انتشار الأفكار الانتحارية بين العاملين الصحيين أعلى بمعدل الضعف مقارنةً بالسكان العامين.
رغم هذه الضغوط، أبدى 75% من الأطباء و66% من الممرضين شعورًا قويًا بالغاية والمعنى في عملهم.
ومع ذلك، يشير العديد من العاملين إلى أن الإرهاق الجسدي والنفسي يؤدي أحيانًا إلى أخطاء طبية، وفق ما نقله موقع يورونيوز.
يؤدي تدهور الصحة النفسية للعاملين الصحيين إلى فقدان القدرة على العمل، إذ أشار ما يصل إلى 40% من المصابين بأعراض الاكتئاب إلى أخذ إجازة مرضية خلال العام الماضي، بينما بين 11% و34% يفكرون في ترك وظائفهم.
ويؤثر هذا الانخفاض في القوى العاملة على جودة الرعاية، ويزيد فترات انتظار المرضى، ويعرض استقرار الأنظمة الصحية للخطر.
وتقول الدكتورة ناتاشا أزوباردي موسكات، مديرة نظم الصحة في منظمة الصحة العالمية/أوروبا،: "قد تختلف الضغوط بين البلدان، لكن التأثير على الصحة النفسية عالمي.. يجب أن تُعتبر الصحة النفسية للعاملين مؤشراً أساسياً لأداء النظام الصحي، تمامًا مثل سلامة المرضى أو القدرة الاستيعابية للمستشفيات."
وتشير التقديرات إلى أن أوروبا قد تواجه نقصًا يصل إلى نحو 940 ألف عامل صحي بحلول عام 2030 إذا لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة الوضع الحالي.
وللتعامل مع هذه التهديدات، يقدّم التقرير سبع توصيات رئيسية تهدف إلى تحسين بيئة العمل والاعتناء بالصحة النفسية للعاملين في القطاع الصحي.
وتشمل التوصيات تطبيق سياسة صارمة لعدم التسامح مع أي شكل من أشكال العنف في أماكن العمل وتحسين مرونة وتوقعات جداول النوبات لتقليل الإرهاق وضمان التوازن بين العمل والراحة وإدارة ساعات العمل الإضافية بشكل عادل وبناء ثقافة عمل إيجابية ومستدامة ومعالجة الأعباء المهنية المفرطة من خلال استراتيجيات توظيف فعّالة وتقسيم مهام متواز.
إضافة إلى تدريب القادة وتحميلهم المسؤولية في دعم رفاهية العاملين ورعايتهم وتوسيع الوصول إلى الدعم النفسي السرّي والخالٍ من الوصمة، لضمان صحة نفسية أفضل وإجراء مراقبة دورية للإبلاغ عن حالة رفاهية العاملين الصحيين وقياس تأثير التدخلات.
ويشدد المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية/أوروبا على أن "رفاهية العاملين في القطاع الصحي تمثل حجر الأساس لتقديم رعاية صحية آمنة وعالية الجودة لكل مريض."