من مستهلك إلى مُصدِّر.. كوردستان تُحيي قطاعها الزراعي وتتجه لتكون سلة غذاء الشرق الأوسط

أربيل (كوردستان24)- في تحول استراتيجي لافت، يمضي إقليم كوردستان بخطى متسارعة ليتحول من سوق استهلاكية للمنتجات الزراعية إلى مركز إنتاج وتصدير رئيسي. ففي إطار رؤية "كوردستان 2030" الطموحة التي تتبناها التشكيلة الوزارية التاسعة لحكومة الإقليم، لم يعد الهدف يقتصر على تحقيق الاكتفاء الذاتي، بل امتد ليشمل طموحاً أكبر: أن يصبح إقليم كوردستان سلة الغذاء للعراق والشرق الأوسط.
وسط سوق أربيل المركزي للخضار والفواكه، الذي كان في الماضي مركزاً لتوزيع المنتجات المستوردة من دول الجوار، أصبح المشهد اليوم مختلفاً تماماً. فبدلاً من الاستيراد، يصدر الإقليم الآن عشرات الأطنان من الخضروات والفواكه ومنتجات مزارعي كوردستان إلى الخارج.
بالأرقام: طفرة زراعية في خمس سنوات
في الوقت الذي يعاني فيه 8.2% من سكان العالم من الجوع، وفقاً لأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة للقضاء على الجوع بحلول عام 2030، يبدو أن إقليم كوردستان يسير بخطى أسرع من المخطط له لتحقيق هذا الهدف. فبفضل التوسع الكبير في القطاع الزراعي، تحققت إنجازات ملحوظة:
قفزة في الإنتاج: ارتفعت مساهمة الإنتاج الزراعي عشرة أضعاف، من 1% إلى 10%.
استثمارات ضخمة: خلال خمس سنوات، تم تنفيذ 24 مشروعاً بقيمة تتجاوز 595 مليون دولار في القطاع الزراعي.
البيوت البلاستيكية: ارتفع عدد البيوت البلاستيكية إلى 30,000 بيت، مما يتيح الإنتاج على مدار العام.
التصنيع الغذائي: زاد عدد المصانع في مجال الزراعة والصناعات الغذائية ليصل إلى 1,257 مصنعاً.
التخزين المبرد: ارتفع عدد المخازن المبردة إلى 319 مخزناً للحفاظ على جودة المنتجات.
الثروة الحيوانية والسمكية: تم إنجاز 516 مشروعاً للدواجن، و82 مشروعاً للثروة الحيوانية، و412 مشروعاً للاستزراع السمكي.
إنتاج العسل: تم تسجيل 8,034 نحّالاً، وتتم تسويق منتجاتهم محلياً وخارجياً.
إجمالي الإنتاج: يصل الإنتاج السنوي من الخضروات والفواكه إلى مليون طن.
بنية تحتية استراتيجية للأمن الغذائي
لم تقتصر جهود الحكومة على دعم الزراعة فقط، بل شملت تعزيز البنية التحتية. فخلال خمس سنوات، تم بناء أربعة صوامع جديدة في محافظات أربيل، السليمانية، دهوك، وحلبجة، بطاقة تخزينية إجمالية تصل إلى 160 ألف طن من الحبوب، مع وجود خطط لبناء خمس صوامع أخرى في دهوك، زاخو، كفري، كويسنجق، وحرير. ويأتي ذلك في وقت يتجاوز فيه الإنتاج السنوي من القمح والشعير مليوني طن.
هذه النهضة الزراعية لم تكن وليدة الصدفة، بل هي نتاج استغلال الإمكانيات الهائلة التي يمتلكها الإقليم، حيث يوجد أكثر من 17.5 مليون دونم من الأراضي الصالحة للزراعة، سواء كانت ديمية أو مروية. وتطمح حكومة إقليم كوردستان إلى تطوير هذه الأراضي بالكامل لتصبح بحق سلة غذاء للمنطقة بأسرها.
في الماضي والحاضر، حاول العراق مراراً وضع عقبات أمام منتجات مزارعي إقليم كوردستان، لكن اليوم، تغيرت المعادلة. فمنتجات إقليم كردستان لا تغطي السوق المحلية وتُصدّر للخارج فحسب، بل أصبحت تلبي احتياجات وسط وجنوب العراق أيضاً. ويأتي كل هذا بفضل الدعم الذي قدمته حكومة الإقليم لـ 53 ألف مزارع من خلال توفير التسهيلات اللازمة وتذليل العقبات أمامهم.