بين ظلام بغداد وإنارة كوردستان.. مفارقة الكهرباء بين المولدات والمشاريع

أربيل (كوردستان 24)- في أحياء العاصمة بغداد، تتشابك أسلاك المولدات الأهلية كأنها غابة من الحديد والنار، تنسج واقعًا مريرًا يعكس عجز المنظومة الحكومية عن توفير الكهرباء الوطنية بشكل مستقر.

أصوات المولدات وضجيجها باتت جزءًا من يوميات المواطن، والديزل ورائحته الكثيفة أصبحت رفيقًا قسريًا في الأزقة.

فالمواطن البغدادي يعتمد على المولد الأهلـي كوسيلة شبه وحيدة للحصول على الكهرباء، إذ لا تتجاوز ساعات التجهيز الحكومي في بعض المناطق عشر ساعات يوميًا.

في حي "الدوب"، تقول أم هيثم وهي ربة بيت:
"هذا الصيف كان الأصعب، الأمبير ارتفع من 15 إلى 20 ألف دينار، وندفع أكثر من 175 ألف شهريًا فقط للمولد، فوق فاتورة الكهرباء الوطنية."

وتضيف أم قتيبة بغضب:
"كل الوعود كاذبة. نصف رواتبنا تذهب للمولدات. الكهرباء أصبحت ترفًا لا حقًا من حقوقنا."

أرقام تكشف أزمة مزمنة

رغم الميزانيات الضخمة التي تُرصد سنويًا لقطاع الكهرباء في العراق، ما زالت الأزمة مستمرة دون حلول جذرية.

في عام 2023 بلغت ميزانية وزارة الكهرباء 15.5 تريليون دينار، لترتفع عام 2024 إلى 18.777 تريليون دينار، ومع ذلك لم يتجاوز إنتاج الطاقة 29 ألف ميغاواط، في حين يحتاج العراق فعليًا إلى 55 ألف ميغاواط لتغطية الطلب المحلي.  

ومنذ عام 2003، أُنفِق أكثر من 100 مليار دولار على هذا القطاع دون الوصول إلى اكتفاء كهربائي فعلي.

السنة               ميزانية الكهرباء             الإنتاج الفعلي                 الحاجة الفعلية

2023                 15.5 تريليون دينار    —                     —

2024              18.777 تريليون دينار    29,000 ميغاواط    55,000 ميغاواط

منذ 2003       أكثر من 100 مليار دولار    —                           —

كوردستان: "روناكي" تضيء المشهد

في المقابل، تبدو الصورة مختلفة تمامًا في إقليم كوردستان، حيث نجحت حكومة الإقليم عبر مشروع "روناكي" للكهرباء الوطنية 24 ساعة في تحقيق إنجاز نوعي يعزز الثقة بالمؤسسات الخدمية.

المشروع الذي بدأ في مراكز المحافظات، يهدف إلى تأمين الكهرباء المستمرة على مدار اليوم للمواطنين والمصانع والأسواق التجارية، وتوسيع نطاقه تدريجيًا ليشمل جميع المناطق.

يقول أوميد أحمد، صاحب مخبز في أربيل:

"الكهرباء المستمرة أنقذت عملنا، فالمخابز تحتاج تيارًا ثابتًا، والمولدات كانت تتسبب في تلف العجين والمنتجات."

أما نوزاد محمود، أحد التجار، فيضيف:

"في السابق كنا نخسر بسبب انقطاع الكهرباء. اليوم الوضع مستقر، وهذا يعني إنتاج أكثر وربحًا أفضل."

نتائج ملموسة بالأرقام

4 ملايين مواطن يستفيدون من الكهرباء المستمرة، أي ما يعادل 50% من سكان الإقليم.

115 ألف منشأة تجارية حصلت على خدمة الكهرباء الوطنية 24 ساعة.

3,200 مولدة أهلية أُزيلت من الأحياء، فيما تخطط الحكومة لإزالة 7,000 مولدة إضافية بحلول عام 2026.

بينما لا تزال بغداد غارقة في ضجيج المولدات، تتقدم كوردستان بخطى ثابتة نحو الاكتفاء الكهربائي من خلال مشروع "روناكي" الذي يمثل نقلة نوعية في قطاع الخدمات.

الفرق بين الجانبين لا يقاس فقط بالأرقام، بل بالنتائج الملموسة في حياة الناس:

في بغداد.. المواطن يدفع أكثر ليعيش في الظلام، وفي كوردستان.. يدفع أقل ليحيا في النور.

 
Fly Erbil Advertisment