صدمة انتخابية للتيارات المدنية.. خسارة كاملة وعودة قوية للأحزاب التقليدية

أربيل (كوردستان 24)- شهدت الانتخابات البرلمانية الأخيرة في العراق واحدة من أكبر الصدمات السياسية، بعدما فشلت الأحزاب المدنية في الحصول ولو على مقعدٍ واحد داخل البرلمان، الأمر الذي أثار موجة واسعة من التساؤلات حول مستقبل هذه التيارات، وقدرتها على التأثير في المشهد السياسي العراقي.

ويرى مراقبون أن نتائج المدنيين لم تكن مفاجئة، بل كانت متوقعة في ظل قانون انتخابي “غير منصف”، إضافة إلى حملة انتخابية وُصفت بأنها منفصلة عن هموم المواطن العراقي.

قانون انتخابي "غير عادل".. ودعوات للمقاطعة

يقول عدد من المحللين إن قرار الأحزاب المدنية المشاركة في الانتخابات كان خطأً استراتيجياً منذ البداية، لأن القانون الانتخابي بنظام سانت ليغو لا يخدم القوى الصغيرة ولا يتيح لها فرصة المنافسة الحقيقية.

محمد باسم – ناشط، تحدث لكوردستان24 قائلاً: "حتى قادة الأحزاب الكبيرة والفائزة اعترفوا بأن القانون غير منصف ويضيّع الأصوات. وبالتالي كان من الأفضل للأحزاب المدنية عدم المشاركة والاكتفاء بمراقبة العملية الانتخابية، لأن الظروف لم تكن مناسبة ولا نزيهة بما يكفي".

كما عبّر آخرون عن وجود شكوك تتعلق بنزاهة العملية الانتخابية، معتبرين أن البيئة السياسية غير العادلة ساهمت في تقويض فرص التيارات المدنية.

خطابات بعيدة عن الجمهور.. ونشاط خلف الشاشات

وفي المقابل، يقدم مختصون قراءة مختلفة، إذ يربطون فشل الأحزاب المدنية بأسلوب خطابها قبل أن يكون السبب القانون أو البيئة الانتخابية.

ويقول غالب الدعمي - محلل سياسي لكوردستان24: "خطابات التيارات المدنية لا تعكس واقع المجتمع العراقي، وتعتمد بشكل مفرط على الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، دون تواصل مباشر مع الناس".

ويضيفون أن اعتماد الأحزاب المدنية على “خطاب نخبوي وغير واقعي” جعلها بعيدة عن الشارع، ما دفع الناخب العراقي إلى الابتعاد عنها، وفتح الطريق أمام الأحزاب التقليدية مرة أخرى.

عودة الأحزاب التقليدية.. وتحالف المال والدعاية الطائفية

أسفرت النتائج عن صعودٍ واضح للأحزاب التقليدية، وخصوصاً أحزاب الإسلام السياسي، التي استحوذت بشكل شبه كامل على مقاعد البرلمان الجديد.

ويقول أصحاب الاختصاص إن هذا الفوز تحقق لسببين رئيسيين:

- استخدام المال السياسي بشكل واسع

- الاعتماد على الدعاية الطائفية خلال الحملات الانتخابية

ويرى محللون أن “الشارع العراقي، رغم استيائه من الطبقة السياسية التقليدية، لم يجد خطاباً بديلاً مقنعاً من الأحزاب المدنية”، وهو ما سمح للقوى التقليدية بتعزيز حضورها.

بين قانون انتخابي مثير للجدل، وخطابات مدنية غير قادرة على ملامسة هموم الشعب، وعودة قوية للمال السياسي والطائفية، تبدو الانتخابات الأخيرة وكأنها أعادت إنتاج المشهد القديم نفسه.

ويحذر مختصون من أن استمرار الأحزاب المدنية في العمل بالطريقة نفسها سيؤدي إلى نتائج مشابهة في كل انتخابات، ما لم تُراجع خطابها وتعيد بناء علاقتها مع الشارع العراقي.

 

سيف علي – كوردستان24 – بغداد

 
 
Fly Erbil Advertisment