قادة مجموعة العشرين يحذّرون من انقسامات جيوسياسية تهدد التكتّل
أربيل (كوردستان 24)- حذّر قادة دول السبت من أنّ دور مجموعة العشرين في معالجة الأزمات الاقتصادية مهدَّد بانقسامات جيوسياسية متزايدة وتنافس دولي شرس، وذلك خلال قمة عُقدت في جنوب إفريقيا وقاطعتها الولايات المتحدة.
وسعى القادة الأوروبيون المشاركون في القمة، وهي الأولى التي تُعقد في القارة الإفريقية، إلى تنسيق ردّهم على خطة اقترحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوضع حدّ للحرب في أوكرانيا بشروط تصبّ في مصلحة روسيا.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الجلسة الافتتاحية للقمة إن "مجموعة العشرين قد تكون على مشارف انتهاء دورها".
وأضاف أن دول المجموعة "تواجه صعوبة في التوصل إلى معيار مشترك بشأن المشهد الجيوسياسي"، سواء تعلق الأمر بـ"الدفاع عن القانون الإنساني أو سيادة الشعوب أو الكرامة الإنسانية".
من جهته، قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر "لا شك أنّ الطريق صعب ... علينا أن نجد سبلا للقيام بدور بنّاء مجددا في مواجهة التحديات العالمية".
واعتبر رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ أنّ "الأحادية والحماية التجارية تتفشّيان ... كثيرون يتساءلون عمّا آل إليه التضامن العالمي".
وحاول رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا مضيف القمة، التقليل من شأن غياب ترامب، مؤكدا أنّ مجموعة العشرين تبقى منصة أساسية للتعاون الدولي.
وقال "تبرز مجموعة العشرين أهمية التعددية... فالتحديات التي نواجهها لا يمكن التعامل معها إلا عبر التعاون والشراكة".
وتضمّ مجموعة العشرين 19 دولة إضافة إلى الاتحادين الأوروبي والإفريقي، وتمثّل 85% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وثلثي سكان العالم.
دعوة إلى سلام "عادل"
لكن القمة تضررت من المقاطعة الأميركية، في وقت مثّل لي تشيانغ الصين بدلا من الرئيس شي جينبينغ، وأرسل الكرملين المسؤول ماكسيم أورشكين بدلا من الرئيس فلاديمير بوتين المطلوب بموجب مذكرة من المحكمة الجنائية الدولية.
واعتمد القادة الحاضرون إعلان القمة الذي شمل قضايا المناخ والطاقة والديون والمعادن الاستراتيجية، وتضمّن دعوة مشتركة إلى سلام "عادل" في أوكرانيا وجمهورية الكونغو الديمووقراطية والسودان والأراضي الفلسطينية المحتلة.
لكن وزير الخارجية الأرجنتيني بابلو كيرنو الذي حضر بدلا من الرئيس خافيير ميلي، أبدى اعتراضه على طريقة تناول بعض القضايا الجيوسياسية، خصوصا الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي، لكن ذلك لم يمنع اعتماد الإعلان.
وشارك في القمة أيضا رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، والرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، والرئيس التركي رجب طيب إردوغان.
وما أن انتهى الحفل الافتتاحي حتى اجتمع ستارمر وماكرون والمستشار الألماني فريدريش ميرتس لبحث خطة ترامب بشأن أوكرانيا، قبل أن ينضم إليهم قادة أوروبيون آخرون إضافة إلى مسؤولين من أستراليا وكندا واليابان، وفق مسؤول في الاتحاد الأوروبي.
وأصدر هؤلاء لاحقا بيانا مشتركا اعتبروا فيه أن الخطة الأميركية لإنهاء الحرب في أوكرانيا "تشكل أساسا سيتطلب المزيد من العمل".
وقالوا "نحن واضحون بشأن مبدأ عدم جواز تغيير الحدود بالقوة. كما نشعر بالقلق إزاء القيود المقترحة على القوات المسلحة الأوكرانية والتي من شأنها أن تجعل أوكرانيا عرضة لهجمات مستقبلية".
وقال مصدر دبلوماسي أوروبي لوكالة فرانس برس "نعمل على جعل الخطة الأميركية قابلة للتطبيق، استنادا إلى حوارات سابقة".
قمة 2026 في منتجع يملكه ترامب
وأكّد ماكرون وستارمر وميرتس، بعد اتصال مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الجمعة، أنّ أي مقترح لإنهاء الحرب يجب أن يحظى "بدعم مشترك وإجماع من الشركاء الأوروبيين وحلف شمال الأطلسي".
وفي تصريح لصحافيين على هامش قمة جوهانسبرغ، قال ماكرون إن الدول الـ30 الأعضاء في "تحالف الراغبين" الداعم لأوكرانيا ستعقد عبر الفيديو "اجتماعا بعد ظهر الثلاثاء للتنسيق، ولنرى التقدم الذي سيتم إحرازه خلال مفاوضات الأيام المقبلة في جنيف".
ويضغط ترامب على كييف لقبول خطته المكوّنة من 28 نقطة وتتضمن التنازل عن أراض لروسيا وتقليص حجم الجيش الأوكراني، في موعد أقصاه يوم الخميس المقبل.
ورغم تغيب واشنطن عن القمة بحجة أن أولوياتها تتعارض مع جدول الأعمال، فإنها تستعد لاستضافة قمة مجموعة العشرين المقبلة عام 2026 في ناد للغولف يملكه ترامب بولاية فلوريدا.
وسترسل الولايات المتحدة القائم بالأعمال في سفارتها بجنوب إفريقيا فقط لحفل التسليم الأحد، وهو مستوى تمثيل اعتبرته بريتوريا غير كاف.
وقال وزير الخارجية الجنوب إفريقي رونالد لامولا إن "رئيس الجمهورية لن يسلّم رئاسة مجموعة العشرين إلى القائم بالأعمال الأميركي"، مؤكدا ضرورة حضور مسؤول "بالمستوى المناسب".
المصدر: فرانس برس
