سوريا تُعيد تفعيل بعثتها في «حظر الكيماوي» وتحذيرات من مواقع ملوثة تهدد حياة المدنيين
أربيل (كوردستان 24)- في تطور لافت بعد عام من تجميد حضورها، أعادت سوريا تفعيل بعثتها لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في لاهاي، مكرّسة ذلك بتعيين الطبيب محمد كتوب مندوباً دائماً لها.
وفي أول ظهور له من داخل مكتب البعثة، أطلق كتوب سلسلة تحذيرات من وجود أكثر من مائة موقع يُشتبه باحتوائها على مخلّفات أسلحة كيماوية «تشكل خطراً مباشراً على حياة المدنيين» في مناطق عدة داخل البلاد.
استخدام مستمر للسلاح الكيماوي… وآخرها في ديسمبر 2024
قال كتوب في تصريحاته لقناة «الإخبارية» السورية إن نظام بشار الأسد استخدم السلاح الكيماوي خلال 12 عاماً متواصلة.
مؤكداً أن آخر حادثة موثّقة كانت في 5 ديسمبر (كانون الأول) 2024 في قرية خطاب بريف حماة.
ورغم إعادة تفعيل عمل البعثة، أوضح كتوب أن سوريا لم تستعد بعد كامل حقوقها داخل المنظمة، إذ لا تزال محرومة من حق التصويت، لكنه أشار إلى وجود قرار يدعو مجلس الدول الأعضاء لمراجعة امتيازاتها تمهيداً لإعادتها كاملة.
كتوب… طبيب من الغوطة يتحول إلى شاهد على مجازر الكيماوي
محمد كتوب، الذي كان يُعرف سابقاً باسم «ماجد أبو علي»، عمل طبيباً في الغوطة الشرقية خلال سنوات الحصار، وشهد مباشرةً مجازر الكيماوي التي ضربت المنطقة عام 2013.
ويعدّ من أبرز الشهود الذين وثّقوا تلك الهجمات أثناء عمله في «المكتب الطبي الموحّد».
وفي أول يوم لتسلّمه مهامه، ظهر كتوب من مكتب البعثة في لاهاي وقد أزال صورة بشار الأسد التي كانت معلّقة سابقاً، واستبدلها بنسخة من تقرير يتضمن أسماء ضحايا مجزرة الغوطة.
وقال تعليقاً على ذلك: الجدار لا يكفي لتعليق أسماء جميع ضحايا الكيماوي في سوريا.
شهادات الناجين: معاناة لا تنتهي
ماجد حيبا… رحلة هرب من الغاز السام إلى مخيم الزعتري
يروي ماجد حيبا، أحد الناجين من ضربات الكيماوي في المعضمية وداريا عام 2013، أنه كان عند مفترق داريا مع زوجته وابنته حين ضرب الغاز السام المنطقة.
ويقول إنه ما زال يعاني حتى اليوم من مشكلات في الجهاز التنفسي والأعصاب.
ويكشف حيبا لـ«الشرق الأوسط» أنه اضطر لترك دمشق خفيةً بعد رفض مشافي العاصمة استقبال المصابين، فانتقل مع عائلته إلى درعا ثم إلى مخيم الزعتري في الأردن للقائه فريقاً طبياً فرنسياً قدم له العلاج وجمع عينات من ملابسه وشعره ودمه.
ويقول بحسرة: (قيل لنا إن شهاداتنا ستنقذ السوريين من السلاح الكيماوي. لكن النظام استمر في استخدامه بعد ضرب الغوطة).
ويضيف أن مواقع تطوير السلاح الكيماوي السوري التي تحدّث عنها في شهادته قصفتها إسرائيل لاحقاً، بينها مراكز البحوث العلمية في برزة وجمرايا، ومواقع في الفرقة الرابعة ومصياف بريف حماة.
(أبو خالد)… من خان شيخون إلى معاناة مستمرة
من جهته، يقول «أبو خالد»، أحد الناجين من هجوم خان شيخون عام 2017، إنه كان على بُعد عشرة كيلومترات فقط من موقع الضربة، وإنه ما زال يعاني من اعتلال عصبي دائم. وقد فقد شقيقه وعدداً من أقاربه في الهجوم الذي أوقع 91 قتيلاً و520 مصاباً وفق الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
عمل ميداني «شديد الحساسية»… ومخاوف من بقاء المدنيين قرب مواقع ملوثة
يؤكد كتوب أن حكومته ترى أن مقاربة ملف الأسلحة الكيماوية يجب أن تتمحور حول تحقيق العدالة للضحايا والناجين، مشيراً إلى أن أول زيارة رسمية للبعثة كانت لرئيس الآلية الدولية المحايدة والمستقلة المعنية بالتحقيق في جرائم الحرب في سوريا.
وحذّر من أن المخلّفات الكيماوية الموجودة في بعض المواقع «لا تزال تشكل كابوساً حقيقياً»، مضيفاً:
(أكبر هواجسنا اليوم أن يتعرض المدنيون مجدداً للكيماوي، خصوصاً أولئك القاطنين قرب مواقع مدمرة أو أماكن تعرضت لضربات إسرائيلية).
وكشف أن المعلومات المتوافرة تشير إلى وجود نحو 100 موقع يُشتبه بوجود مخلفات كيماوية فيها، وأن 23 موقعاً فقط تمت زيارتها حتى الآن، بينما يحتمل وجود مواقع أخرى لم تُعرف بعد.
وأشار إلى أن الجيش والجهات المختصة يعملون على تأمين هذه المواقع رغم تعرض بعضها لقصف إسرائيلي، وأن المهمة تتطلب تنسيقاً بين وزارات الدفاع والطوارئ والصحة والعدل وهيئة العدالة الانتقالية.
أهم الهجمات الكيماوية في سوريا… سجلّ دامٍ
تقول منظمة هيومن رايتس ووتش إن النظام السوري استخدم السلاح الكيماوي على نطاق واسع منذ عام 2011، منها:
خان العسل – 2012: أول تجربة غاز أعصاب وفق التقديرات.
الغوطة الشرقية – 2013: هجوم السارين الأكبر، قتل فيه نحو 1400 شخص.
حمص – 2013: استخدام غاز BZ المسبب للهلوسة.
سراقب وكفر زيتا – 2014: ضربات بالسارين والكلور.
إدلب وحلب – 2015 – 2016: استخدام متكرر للكلور وغازات سامة.
خان شيخون – 2017: ضربة بالسارين خلّفت عشرات القتلى.
دوما – 2018: هجوم بالكلور وأرجحيات بوجود غاز السارين.
المصدر : وكالات
