تضارب التصريحات والبيانات يضع ملف سحب مبالغ من صندوق الرعاية الاجتماعيَّة على طاولة النزاهة
أربيل (كوردستان24)- أعلنت هيئة النزاهة الاتحاديَّة، اليوم الاثنين، مباشرتها أعمال التحرّي والتقصي عن معلومات تخص المبالغ المالية المودعة في صندوق الرعاية الاجتماعيَّة.
وذكر بيان للهيئة، أن "فرقها المؤلفة باشرت أعمال التحري والتقصي والتدقيق حول معلومات سحب ترليونين ونصف ترليون دينار من صندوق الرعاية الاجتماعية التي تناولتها وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي".
وأضاف، أن "الفرق المؤلفة باشرت إجراءات ومهام التقصي والتحري والتدقيق، من أجل التوصل لتفاصيل تلك المعلومات، تمهيداً لاتخاذ الإجراءات الأصولية بصددها وبحسب القانون".
وكانت وزارة المالية العراقية، أكدت أمس الأحد، أن مبالغ الحماية الاجتماعية لم يتم سحبها بل تجميد الحساب فقط.
وذكرت الوزارة في بيان، أنه "تابعنا باهتمام التصريح المتلفز الذي أدلى به وزير العمل والشؤون الاجتماعية والذي تضمّن معلومات غير دقيقة تتعلق بسحب مبالغ حساب شبكة الحماية الاجتماعية، ونود بيان ان المبلغ لم يتم سحبه وإنما تم تجميد الحساب فقط".
وتابعت، أنه "انطلاقاً من حرصنا على الشفافية وتوضيح الحقائق للرأي العام نود بيان بعض الحقائق التالية:
1- تم فتح الحساب الجاري الخاص بشبكة الحماية الاجتماعية منذ عام 2015 ويمول مركزياً لغرض صرف رواتب الرعاية الاجتماعية فقط استناداً" الى قانون الحماية الاجتماعية رقم (11) لسنة 2014 المادة (19/أولاً"- أ) التي نصت على (التخصيصات المالية من الموازنة العامة الاتحادية للدولة) وفتح الحساب فقط للفقرة (أ) من القانون المذكور آنفاً، وإن وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لم تقم بمتابعة رصيد الحساب بالشكل الصحيح من خلال التأييد بالمطابقة للمصرف بالرغم من وجود مبالغ يتم إيداعها خلافاً لطبيعة الحساب ومنها مبالغ مسترجعة من البطاقات الذكية لمستفيدي الحماية الاجتماعية للسنوات من (2015 ولغاية 2025)".
وتابعت: "2-من خلال عمليات التدقيق المالي والفني التي أجرتها وزارتنا وديوان الرقابة المالية الاتحادي، تبيّن وجود استخدامات للحساب خارج طبيعته المحددة، وهي ممارسات لم تتم من قبل وزارتنا، ويتضمّن الحساب أيضاً مبالغ تمويلات محوّلة من وزارة المالية إضافة إلى مبالغ مسترجعة من البطاقات الذكية لمستفيدي الحماية الاجتماعية وهي أموال لا تزال موجودة داخل الحساب ولم تسحب".
وأكملت: "3- ان الموضوع قد خضع للتدقيق من قبل ديوان الرقابة المالية الاتحادي/ دائرة تدقيق النشاط الاجتماعي بموجب كتابهم ذي العدد/18/21/3/24154 في 17/9/2025 وتم تثبيت الملاحظات الخاصة بالحساب بشكل رسمي وطلب الديوان تحليلاً" مفصلاً" للإيرادات الموجودة ضمن الحساب ".
وأكدت الوزارة، بحسب البيان، "التزامها التام بالقوانين والتعليمات واستمرارها بالتعاون مع الهيئات الرقابية لإظهار الحقيقة كاملة وضمان عدم استغلال المال العام لأي غرض خارج الإطار المخصص له"، داعية جميع الجهات ذات العلاقة إلى "تحرّي الدقة قبل الإدلاء بأي تصريح قد يسبب لبساً للرأي العام ونؤكد أن أبواب الوزارة مفتوحة لتقديم أي توضيحات إضافية عند الطلب".
من جانبها، أعلنت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، الأحد، أن إعانات الحماية الاجتماعية تُصرف بانتظام وهي مؤمّنة بالكامل.
وذكرت الوزارة في بيان، أن " بعض وسائل الإعلام تداولت تفسيرات غير دقيقة لما ورد في تصريح وزير العمل والشؤون الاجتماعية، أحمد الأسدي بشأن الوضع المالي لصندوق الحماية الاجتماعية، الأمر الذي يستدعي التوضيح منعًا لسوء الفهم".
وأكدت الوزارة، بحسب البيان، أن "رصيد صندوق الحماية الاجتماعية مثبت رقميًا وكاملًا في حسابات الوزارة لدى مصرف الرافدين، ويُعد حقًا ماليًا يُدار وفق الضوابط القانونية، ولا يمكن التصرف به خارج الأطر المقررة"، موضحة، أن "إعانات الحماية الاجتماعية تُصرف بانتظام وهي مؤمّنة بالكامل ضمن الموازنة العامة، ولا ترتبط فنيًا بمستوى السيولة أو حركة رصيد الصندوق".
وتابعت: "أما حديث الوزير فقد جاء في إطار رؤية مستقبلية تعمل عليها الوزارة لجعل هذه الإعانات ممولة لاحقًا من عوائد الاستثمارات التي سينفذها الصندوق، والإشارة التي وردت في تصريح الوزير فكانت تتعلق بحالة السيولة النقدية في المصارف وما يطرأ عليها أحيانًا من عدم جاهزية الأموال للسحب الفوري، رغم ثبوتها رقميًا في الحسابات، وقد أكد مصرف الرافدين ذلك رسميًا في كتابه الموجّه إلى الوزارة عقب التصريح، موضحًا أن المبلغ محفوظ ومثبت رقميًا".
وأكملت: "عليه، فإن الحديث كان يخص وضع السيولة وليس فقدان الرصيد أو عدم وجوده، وأن حقوق الصندوق والفئات المشمولة بالحماية الاجتماعية مصونة ومثبتة في السجلات الرسمية"، داعية "وسائل الإعلام إلى توخي الدقة ووضع التصريحات في سياقها الصحيح، بما يعكس الصورة المالية والفنية كما هي من دون تأويل".
بدوره، أكد مصرف الرافدين، الأحد، عدم تلقيه من وزارة العمل أي طلب أو رغبة باستثمار مبالغ الحماية الاجتماعية أو سحبها.
وذكر المصرف في بيان، أن "ما تم تداوله من تصريحات لوزير العمل والشؤون الاجتماعية، بشأن رصيد حساب صندوق هيئة الحماية الاجتماعية غير دقيق؛ إذ إن المبلغ المشار إليه يعود في الحقيقة إلى حساب شبكة الحماية الاجتماعية المموّل مركزياً من وزارة المالية، وليس للحساب المذكور آنفاً".
وتابع، أن " الرصيد الفعلي لحساب شبكة الحماية الاجتماعية يبلغ 2,495,921,687 دينار، بينما يبلغ رصيد حساب صندوق هيئة الحماية الاجتماعية 390 مليار دينار فقط، وجميع هذه الأرصدة متوفرة لدى المصرف بشكل كامل من دون أي نقص أو سحب".
وأوضح المصرف، أن "دوره يقتصر على مسك الحسابات وتنفيذ أوامر الصرف الرسمية الواردة من الوزارة من دون أي تدخل في قراراتها، ولم ترد إليه أي موافقة من وزارة المالية لإجراء تحويلات بين الحسابين، وذلك استناداً إلى أحكام قانون الإدارة المالية الاتحادي رقم (6) لسنة 2019 المعدَّل بالقانون رقم (4) لسنة 2020) التي تشترط التخويل الأصولي لأي مناقلة مالية بين الحسابات".
وأكد، أنه "لم يتلقَّ من وزارة العمل أو من إدارة الصندوق أي طلب أو رغبة باستثمار تلك المبالغ أو سحبها، كما لم يرد إليه أي إشعار أو تبليغ بوجود دعوى قضائية ضد المصرف من أي جهة تتعلق بهذا الموضوع"، مجدداً "احترامه الكامل للمؤسسات الحكومية، مع احتفاظه بحقه القانوني تجاه أي معلومات غير دقيقة قد تمس سمعته المؤسسية أو تشكّك بسلامة إجراءاته".
و فجّر أحمد الأسدي وزير العمل والشؤون الاجتماعية في الحكومة العراقية الاتحادية، مفاجأة من العيار الثقيل، بعدما كشف عن اختفاء كامل رصيد صندوق الرعاية الاجتماعية البالغ 2.5 تريليون دينار، في واقعة تثير موجة واسعة من التساؤلات والشكوك.
وقال الأسدي، في تصريحات متلفزة، إن أموال الصندوق—المتأتية من الاستثمارات وحصة الصندوق في أرباح الشركات—بلغت 2.5 تريليون دينار، وكانت الوزارة تخطط لاستثمارها لضمان دفع رواتب الرعاية الاجتماعية من أرباحها، بدلاً من الاعتماد على خزينة الدولة.
وأضاف الوزير: قبل شهرين جئنا لمراجعة حسابات الصندوق، وتفاجأت بأن الأموال كافة قد سُحبت دون علم الوزارة.
وأشار إلى أن المبلغ "ضاع بين وزارة المالية ومصرف الرافدين"، مرجحاً احتمال أن تكون الأموال سُحبت لغرض شراء سندات، مؤكداً أن الوزارة قد رفعت شكاوى قضائية لمعرفة مصير المبلغ.
وتقارب قيمة الأموال المختفية حجم ما عُرف بـ سرقة القرن البالغ نحو 3.5 تريليون دينار، ما يفتح الباب أمام تساؤلات خطيرة حول:
إمكانية تأثّر رواتب الرعاية الاجتماعية، والتي تبلغ شهرياً نحو 2 تريليون دينار.
كيفية إدارة أموال صناديق الدولة، خاصة أن وزير العمل نفسه يقرّ بأنه لا يعلم أين ذهبت الأموال، ولا متى أو كيف تم سحبها.
وتشير هذه التطورات إلى أزمة صحية في بنية الإدارة المالية، وتستدعي كشفاً عاجلاً للملابسات من الجهات الرقابية والقضائية.
