باحث كوردي: الزرادشتية ديانة توحيدية خالصة

أربيل (كوردستان24)- أكد الباحث في مجال التاريخ، الدكتور فرمان هدايت، أن الكورد امتلكوا ديانات توحيدية وإيماناً بـ "الإله الواحد" قبل مجيء الإسلام بآلاف السنين، نافياً أن تكون الديانات الكوردية القديمة وثنية. جاء ذلك خلال استضافته في برنامج "أفكار مختلفة" (هزره جياوازه كان) الذي يقدمه الإعلامي سوران سيوكاني علی شاشة كوردستان24.

وتناول اللقاء بحثاً معمقاً في تاريخ الأديان الكوردية القديمة (الميثائية، الزرادشتية، المانوية، والمزدكية) وتأثيرها على الحضارة، مصححاً العديد من المفاهيم التاريخية واللغوية الشائعة.

أشار الدكتور هدايت إلى أن "الميثائية" تعد من أقدم الديانات، وهي سابقة للزرادشتية، وانتشرت عالمياً حتى وصلت إلى الإمبراطورية الرومانية. وأوضح أن كلمة "ميثرا" تعني (الحب، العهد، وحامي النور/الشمس)، مؤكداً أنها لم تكن ديانة وثنية بل كانت تؤمن بإله عظيم، وأن الطقوس الميثائية القديمة، مثل تقديس "الثور" وذبحه لإنبات الزرع والحياة، لا تزال آثارها موجودة في بعض طقوس الديانة الإيزيدية واليارسانية حتى اليوم.

فجر الباحث مفاجأة تاريخية حول زمن ظهور النبي زرادشت، مرجحاً أن يكون ظهوره قبل حوالي 10 إلى 12 ألف سنة، رابطاً ذلك بنهاية العصر الجليدي وبداية الاستيطان البشري، مستشهداً بمدينة "ديرينكويو" تحت الأرض في كابادوكيا (شمال كوردستان/تركيا حالياً) التي بنيت بأمر الإله "أهورامزدا" لحماية البشر والحيوانات من عصر جليدي مدمر، كما ورد في "الأفيستا".

وصحح هدايت الترجمة الشائعة لاسم "زرادشت" التي يروج لها المستشرقون والفرس على أنها تعني "صاحب الجمل الأصفر"، مؤكداً أن الترجمة الصحيحة من اللغة الكوردية القديمة (لغة الأفيستا/الكوران) هي "هبوط النور الذهبي" أو "الشعاع الذهبي" (زر: ذهب، شت: هبوط/انبعاث).

كما نفى الباحث فكرة "الثنوية" في الزرادشتية (إله الخير وإله الشر)، مشدداً على أن زرادشت كان موحداً خالصاً للإله "أهورا مزدا" (الإله الحكيم الكبير)، وأن فكرة الصراع بين "أهورا مزدا" و"أهريمان" كإلهين هي انحراف عن الديانة الأصلية ظهر لاحقاً.

في طرح لغوي وتاريخي مثير للجدل، أوضح الدكتور فرمان هدايت أن كلمة "فُرس" أو "فارس" الحالية هي تحريف لكلمة "بارسا" (Parsa) الواردة في الأفيستا. وأكد أن "بارسا" كلمة كوردية تعني "الأطهار" أو "الأتقياء"، وكانت تطلق على أتباع الديانة الزرادشتية المخلصين، ولم تكن تشير إلى عرق أو قومية محددة. وأضاف أن القبائل التي نُفيت أو هاجرت إلى الهند وجنوب إيران بعد سقوط الدولة الساسانية سُميت بـ "بارسينا" أي (أهل التقوى)، ومنها اشتق اسم "فارس" لاحقاً.

تطرق اللقاء إلى الديانتين المانوية والمزدكية، حيث أكد الباحث أن كلاً من "ماني" و"مزدك" كانا مصلحين كورديين حاولا تجديد الديانة الزرادشتية.

مزدك: وصفه الباحث بأنه "أول اشتراكي" في التاريخ قبل كارل ماركس بألفي عام، حيث نادى بتوزيع الثروات (الطعام والممتلكات) بالتساوي بين الأغنياء والفقراء لمنع المجاعات، نافياً التهم التي ألصقت به حول "شيوع النساء"، معتبراً إياها تشويهاً متعمداً من خصومه.

ماني: وصفه بالعبقري والفيلسوف والرسام والموسيقار (مخترع آلة الناي/الشمشال)، مشيراً إلى أنه يُعتبر نبياً مشتركاً للديانتين اليارسانية والإيزيدية في جوهرهما، وأن التصوف الكوردي الحالي يستمد جذوره من "الرهبانية" المانوية.
واختتم الباحث حديثه بالإشارة إلى أن الإمبراطورية الساسانية كانت دولة كوردية في أصلها، حيث ينحدر مؤسسها "أردشير بابكان" من سلالة كوردية، وأن الدولة كانت تتبع النظام الزرادشتي الصارم قبل أن تتبنى الإصلاحات المانوية لفترة وجيزة.