أصوات نسائية كوردية تأبى السكون.. "بوكان" تفتتح أول مدرسة أكاديمية لتعليم غناء المقامات
أربيل (كوردستان24)- في خطوة تُعد الأولى من نوعها في مدينة بوكان، القلب النابض للثقافة الكوردية بشرق كوردستان في إيران، افتتحت مدرسة متخصصة لتعليم أصول الغناء والمقامات الكوردية حصراً للنساء، تحت إشراف كوادر أكاديمية متخصصة، في محاولة لإعادة إحياء أصوات بقيت خلف جدران الصمت لسنوات طويلة.
تعتمد المدرسة، التي تديرها الأكاديمية الفنية "صدف"، أسلوباً علمياً رصيناً في التدريس؛ حيث يتم تدريب النساء على قواعد "السولفيج" والمقامات الكوردية الكلاسيكية. ويقول سمكو فيزي، مدير الأكاديمية: "هذه المرة الأولى التي نوفر فيها مدرسة غنائية مخصصة للنساء بإشراف معلمة متخصصة، حيث نعتمد الطريقة الأكاديمية لتمكين المتدربات من إتقان المقامات والألحان الكوردية العريقة".
يشير الباحثون في الموسيقى الكوردية إلى أن جوهر الألحان التقليدية مثل "الحيران" و"اللاوك" والمقامات الشعبية، انبثقت أساساً من حناجر النساء في الماضي البعيد، قبل أن تتعرض هذه الأصوات للتغييب القسري.
ويوضح الباحث الموسيقي ستار حسين زاده لـ "كوردستان 24": "الموسيقى الكوردية، وخاصة أشكال الحيران واللاوك، كانت في الأصل نتاجاً لحناجر النساء. لكن مع الأسف، وبسبب الضغوط والقيود الاجتماعية والسياسية في مجتمعنا، غابت هذه الأصوات لعقود، مما تسبب في خسارة ثقافية كبيرة. نحن اليوم نسعى لاستعادة هذا الصوت لمنع المزيد من الضرر الذي يلحق بتراثنا الغنائي".
لقيت هذه المبادرة ترحيباً حاراً من قبل نساء بوكان؛ حيث انضمت أكثر من 50 امرأة حتى الآن لتلقي الدروس. وتعبر ليلى دوخان، وهي مدرسة في الأكاديمية، عن سعادتها قائلة: "منذ ثلاثة أسابيع ونحن نواصل التدريب، والعدد في تزايد مستمر. أتمنى من جميع الأخوات والأمهات الانضمام إلينا لتطوير مهاراتهن والمساهمة في حفظ تراثنا".
من جهتها، تعبر الطالبة زهراء نميني عن مشاعر مختلطة بين الندم على الوقت الضائع والاعتزاز بالخطوة الجديدة: "علينا أن نتعلم الفن ونظهره للنور لا أن نبقيه حبيس المنازل. عندما جئت إلى هنا لأول مرة، شعرت بضيق في قلبي لأنني تأخرت كثيراً في الالتحاق، لكنني الآن فخورة بأننا نجد طريقنا مجدداً".
رغم القيود المفروضة على الغناء النسائي الفردي في إيران، إلا أن هؤلاء النساء في بوكان يجدن في الغناء الجماعي والأكاديمي وسيلة للحفاظ على الهوية الكوردية، وتوثيق "حناجر" لطالما كانت الحامل الحقيقي للتاريخ الشفهي والموسيقي للمنطقة، في رسالة مفادها أن الفن الكوردي لن يتوقف عن الصدح مهما بلغت التحديات.
تقرير: بوكان – كوردستان 24